الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما تجده مجرد خواطر ووساوس يلقيها الشيطان في قلبك وكنت كارهًا لها نافرًا منها فاعلم أنها لا تضرك ولا تؤثر في صحة إيمانك، وعليك أن تعرض عنها وألا تلتفت إليها، وانظر الفتوى رقم: 147101, ومما يزيل عنك هذه الوساوس أن تستحضر أن صور إجابة الدعاء مختلفة، فليس من الضروري أن يحصل للعبد ما دعا به، بل قد لا يستجيب الله مسألته, ويعوضه ما هو خير له فهو سبحانه العليم الحكيم، وأن تستحضر كذلك أن الله أرحم بعبده من الأم بولدها، وأن الواجب على العبد أن يرضى ويسلم لحكم ربه تعالى, ويعلم أن ما أصابه من مصيبة فهو بذنبه وما كسبت يده، ويعلم كذلك أنه قاصر العقل لا يدري أين مصلحته، فقد يصيبه ما يظنه مصيبة ويكون في هذه المصيبة منافع عظيمة للعبد تربو على الألم الحاصل بها، والله يعلم ونحن لا نعلم، وراجع الفتويين رقم: 189247 ورقم: 190065.
وأما ما ذكرته من كون الله تعالى أخبر بأشياء ولم تقع فأوجد ذلك بعض الوساوس في نفسك فاعلم أن خبر الله كله صدق, كما قال تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا {الأنعام:115}, فلا يمكن أن يخبر بشيء فلا يقع كما أخبر به، بل من أعظم دلائل صدق النبي صلى الله عليه وسلم إخباره بمغيبات فوقعت كما أخبر بها سواء بسواء، كما أخبر بانتصار الروم على الفرس في بضع سنين, وكما أخبر بفتوح البلدان, وكما أخبر بافتراق الأمة, وكثير من الفتن، وهذا كثير جدًّا لا تتسع لحصره الفتوى، فإن كنت لم تر وقوع الخبر فإما ألا يكون الخبر ثابتًا أو يكون ثابتًا, وقد وقع مخبره, أو لم يحن وقت وقوعه بعد, أو يكون للخبر معنى لم تفهمه، وإنما يزيل عنك الإشكال في مثل هذا أهل العلم, فعليك بالرجوع إليهم, ولا تترك للشيطان مجالًا في إفساد قلبك بأمثال هذه الشبهات, وحذارِ أن تتراخى في مجاهدة هذه الوساوس ودفعها ما أمكن؛ حتى لا تتمكن منك تلك الخواطر فتصير شكوكًا حقيقية تؤثر في صحة الإيمان عياذًا بالله.
والله أعلم.