الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى ما للوالدين من منزلة عظيمة جعلها لهما الشارع الحكيم، فقد قرن حقه بحقهما، وشكره بشكرهما، وأوجب على الولد بر والديه والإحسان إليهما، لكونهما سبب وجوده في هذه الحياة، وسهرا وتعبا من أجله وفي سبيل تربيته، ويمكن مطالعة بعض النصوص المتعلقة ببر الوالدين بالفتوى رقم: 136974. فمهما أمكن زوجك تنفيذ أمر والده والعودة للإقامة عنده، ومساعدته في حل هذه المشاكل، فليفعل، وقد يفتح الله عليه بسبب هذا البر من الخير ما لا يخطر لكم على بال، ولو أعطاه القليل ربما بارك له فيه فينفعه نفعا لا يحصل عليه من الكثير، وصدق أبو العتاهية حين قال:
واللهُ إن بارك في شيء نفع.
وأحسن من هذا قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي قتادة، وأبي الدهماء .... قالا: أتينا على رجل من أهل البادية فقال البدوي: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يعلمني مما علمه الله تبارك وتعالى. وقال: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله عز وجل إلا أعطاك الله خيرا منه.
وقد تجب على زوجك طاعة والده، إذا كان الوالد يتأذى من هذه المشاكل أذى كثيرا، ولم يكن ثمة سبيل لحلها إلا بعودة زوجك، فتتعين عليه العودة في هذه الحالة. وإلا فلا، وراجعي الفتوى رقم: 76303 ففيها بيان حدود طاعة الوالدين.
ويمكن لزوجك أن يحاول إقناع والده بالسماح له بالبقاء في مكان عمله بالخارج، ويجتهد من خلال الوسائل المختلفة في حل هذه المشاكل كالاتصال بإخوته، والاستعانة بالعقلاء من الأقارب -مثلا- وغيرها من الوسائل، وبذلك يجمع بين المصلحتين، ويمكن أن يقدم على إجازة من عمله لمدة ريثما يتمكن بإذن الله من حل المشاكل وترتيب البيت، ومن ثم يعود مرة أخرى لمواصلة عمله في الخارج.
ولو قدر الله أن يتخذ زوجك قرار العودة، فاحرصي على أن لا يكون منك جزع لأجل ذلك، فالجزع لا يجد منه صاحبه إلا الندم والحسرات، فهو لا يدفع مرهوبا ولا يأتي بمرغوب، والزمي الصبر ففيه خير الدنيا والآخرة. وراجعي في فضل الصبر الفتوى رقم: 18103.
وفي الختام نشكر لك ما ذكرت من حرصك على تشجيع زوجك على البر بوالده، وعدم العمل على ما يمكن أن يوقعه في العقوق، وهذا أمر حسن، وعلامة خير، ويدل على كريم خلق. فجزاك الله خيرا.
والله أعلم.