الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إنجاب الأولاد هو المقصود الأهم من الزواج، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا ويقول: تزوجوا الودود الولود إني مكاثر الأنبياء يوم القيامة. رواه أحمد وأبو داود والبيهقي عن أنس بن مالك,
وفي حديث آخر: تناكحوا تناسلوا أباهي بكم الأمم يوم القيامة. رواه عبد الرزاق والبيهقي عن سعيد بن أبي هلال.
ويجوز تأجيل الإنجاب لمصلحة اذا كان ذلك - بإذن الزوجة - فقد روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها. رواه الإمام أحمد وابن ماجه, قال ابن قدامة في المغني: ولأن لها في الولد حقًّا، وعليها في العزل ضرر فلم يجز إلا بإذنها. اهـ, وقال صاحب كشاف القناع: ويحرم العزل عن الحرة إلا بإذنها؛ لما روي عن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها. رواه أحمد وابن ماجه، لأن لها في الولد حقًّا، وعليها من العزل ضرر فلم يجز إلا بإذنها. انتهى.
وأما دعوى أنها لا تحسن تربية الأولاد فلا تبرر التأجيل، ولا تسوغ منعها من حقها الشرعي في الإنجاب، بل الأحرى به أن يؤهلها لذلك، وأن يصبر عليها، فهذا حقها عليه, فإن تأديب الزوجة وتعليمها وترويضها على خصال الخير والصبر على ذلك لهو مما أمر به الزوج, قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم: 6} قال العلماء: أدبوهن وعلموهن, وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع ومسؤول عن رعيته. متفق عليه.
كما أن تربية الأولاد أمر مشترك بين الزوجين، وليس للزوج أن يلقي بالأمر كله على عاتق الزوجة، وأما لو اتفق الزوجان معًا على تنظيم النسل لمصلحة ما كتربية الأولاد مثلًا، أو شيء من ذلك القبيل، فإن ذلك جائز؛ لما رواه جابر - رضي الله عنه - قال: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل. متفق عليه.
والله أعلم.