الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق تجلية الأمر فيما يتعلق بتقبيل قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومسح منبره، وأن أكثر العلماء على كراهة تقبيل القبر، وأن الكراهة عند الأقدمين غالبا ما تطلق على التحريم. وذكرنا أيضا استنكار أحمد لتقبيل القبر وقوله: لا أعرف هذا. وترخيصه في مسح المنبر لفعل ابن عمر رضي الله عنهما. ولهذا قال ابن قدامة في المغني: فصل: ولا يستحب التمسح بحائط قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تقبيله.
وابن قدامة من أخبر الناس بمذهب الإمام أحمد، وقد ذكر رواية الأثرم عنه ولم يذكر غيرها. فنرجو مراجعة الفتويين: 110890 - 80355 وقد ذكرنا فيهما أيضا نقلا عن الإمام النووي، وعن شيخ الإسلام ابن تيمية وتمام كلام ابن قدامة السابق. وفيهما أيضا بيان كيف أن النووي شدد في المنع من ذلك مستندا إلى أدلة إنكار البدع.
وإن صح نسبة القول بالجواز إلى الإمام أحمد فغاية ما يمكن أن يقال إنه قد وردت عن أحمد في ذلك روايتان. وإلا فكيف تترك لهذه رواية الأثرم المباشرة عنه والمعتمدة عند أهل المذهب بدليل اقتصارهم عليها ولم يذكروا عنه غيرها.
والله أعلم.