الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إزالة بكارة الفتاة بالإصبع تعدٍ عليها وجناية في حقها، وفعل ذلك عمداً من غير الزوج ممنوع شرعاً، لما فيه من الاطلاع على العورة ومسها، فضلاً عن كونه جناية -كما قدمنا- وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. متفق عليه.
ويوجب على الفاعل تعويض الفض الذي لحق بهذه الفتاة بسبب إزالة بكارتها، وإن كان هذا الفعل صادراً عمداً من امرأة بكر اقتص منها، عملاً بقوله تعالى: وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ {المائدة:45}.
أما إن كان الزوج هو الذي أزال بكارة زوجته بأصبعه فلا شيء عليه.
قال في أسنى المطالب -وهو شافعي-: إن أزالها -يعني البكارة- أجنبي بغير جماع ففيها حكومة، وإن كانت التي أزالتها بكراً اقتص منها، وإن أزالها الزوج فلا شيء عليه ولو بخشبة، لأنه مستحق لإزالتها وإن أخطأ في طريق الاستيفاء.
وقال صاحب مواهب الجليل -وهو مالكي- في أثناء كلامه على هذه المسألة عازياً لابن رشد: إذا فعل ذلك -يعني إزالة البكارة بالإصبع- بغير زوجته فلا خلاف أن عليه ما شانها عند الأزواج مع الأدب، فأما إن فعل ذلك بزوجته فقال: ها هنا لا شيء عليه. معناه أنه ليس عليه أدب... ويذكر في آخر المادة خلافاً بين الفقهاء المالكيين في وجوب الصداق كاملاً عليه بمجرد إزالة البكارة بالأصبع كالوطء، وعدم وجوبه كاملاً وإنما يلزم بما شانها به، هذا إن طلقها قبل الدخول بها.
وعلى كل حال: فهذا العمل لا يجوز مطلقاً لغير الزوج، ويوجب على فاعله إن لم يكن زوجها تعويض الفض الناشئ عنه.
والله أعلم.