الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على ثقتك بموقعنا، وحرصك على النصح للمسلمين، واعلم أن قول الفقهاء بعدم وقوع طلاق الموسوس ليس على إطلاقه، وإنما قيدوه بحال يكون فيه الموسوس مغلوبا على عقله، أما إذا لم يكن مغلوبا على عقله فطلاقه كطلاق غيره. فالإمام الشافعي (رحمه الله) يقول في كتاب الأم: وَمَنْ غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ بِفِطْرَةِ خِلْقَةٍ، أَوْ حَادِثِ عِلَّةٍ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا لِاجْتِلَابِهَا عَلَى نَفْسِهِ بِمَعْصِيَةٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَاقُ، وَلَا الصَّلَاةُ، وَلَا الحُدُودُ. وَذَلِكَ مِثْلُ الْمَعْتُوهِ، وَالْمَجْنُونِ، وَالْمُوَسْوَسِ، وَالْمُبَرْسَمِ، وَكُلِّ ذِي مَرَضٍ يَغْلِبُ عَلَى عَقْلِهِ مَا كَانَ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ. فَإِذَا ثَابَ إلَيْهِ عَقْلُهُ فَطَلَّقَ فِي حَالِهِ تِلْكَ، أَوْ أَتَى حَدًّا أُقِيمَ عَلَيْهِ وَلَزِمَتْهُ الْفَرَائِضُ. اهـ
فالحكم بوقوع طلاق الموسوس أو عدمه حكم شرعي يرجع فيه لأهل الاختصاص بعلوم الشريعة، ولا يغني عن بيانه بالكلية توجيه السائل لطلب العلاج عند الأطباء النفسيين، مع أنه ليس بين بيان الحكم الشرعي وبين توجيه الموسوس لطلب العلاج النفسي تعارض، بل كل من الأمرين مطلوب ونافع للموسوس، ونحن في موقعنا نرشد الموسوس إلى عرض نفسه على طبيب نفسي. وراجع على سبيل المثال الفتاوى التالية أرقامها: 139468 ، 137147 ، 3086 ، 60628 ، 93352 .
فلا إشكال في كون الفقيه ينبغي له أن يوجه الموسوس إلى طبيب نفساني، ولا إشكال أيضا عندما يسأل الموسوس عن طلاق صدر منه في حال تحكمه في نفسه وسيطرته على إرادته. فالفقيه سيجيبه على حسب حالته، وهذا الأمر واضح في الفتاوى المنشورة بموقعنا المتعلقة بأحكام الموسوسين، وانظر على سبيل المثال الفتاوى التالية أرقامها: 164267 ، 164207 ، 151801 ، 150087
لكن ما ذا لو استفتى الفقيه موسوس قد صدر منه الطلاق بالفعل، وهو في الحالة التي أشار إليها الدكتور بقوله: ( بل هو مجبر عليها من داخله ولا يستطيع التوقف عن تكرارها رغم مقاومته الواعية لها) فهل يفتيه بأنه يمكن أن يستعمل الدواء الجديد فإذ استعمله وشفي وقع طلاقه السابق أم ماذا ؟ هذا هو محل الإشكال.
والله أعلم.