الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى عليك أن كلًا منكما أجنبي عن الآخر حتى يتم العقد، فالخطبة مجرد مواعدة بالزواج وليست زواجًا, والشرع حرم الخلوة وفضول النظر والكلام لغير حاجة بين الأجنبيين سدًا للذريعة, وإغلاقًا لباب الفتنة. والتساهل في هذه الأمور قد يجر إلى ما هو أعظم مما وقع منكما, فالواجب عليكما المبادرة إلى التوبة النصوح, وهي المتضمنة لشروط أوضحناها بالفتوى رقم:5450، والواجب عليك قطع العلاقة معه تمامًا, وعدم تمكينه من الخلوة بك حتى يتم الزواج.
ومن أعظم ما يعينكما على العفاف الاستعانة بالله, والتضرع إليه بمثل ما روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول:" اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ", وعليكما مراقبة الله, واستشعار عظمته, فإن ذلك يورث الخوف منه ومن أليم عقابه؛ مما يحول بين المرء وبين المعصية, ولا تستصغرا هذه الذنوب التي فعلتماها، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: لا تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت. هذا بالإضافة إلى اجتناب كل ما يمكن أن يثير الشهوة، والحرص على الصوم فإنه وجاء، والحذر من الفراغ, والعمل على شغل الوقت بما ينفع من أمر المعاش والمعاد.
ولا شك في أنه مهما أمكن التعجيل بإتمام الزواج كان أفضل، أو على الأقل عقد الزواج مع تأخير الدخول، وليس من حق الأهل الاعتراض على ذلك لغير مسوغ شرعي، ولا تجب طاعتهم في ذلك ولو كان المعترض الوالدان؛ إذ لا طاعة للوالدين فيما فيه ضرر على الولد، وانظري الفتوى رقم: 76303.
وأما ما سمعت من أن الله إذا أنعم على عبد بنعمة فلم يصنها فإما أن يأخذها منه أو يأخذه منها فيحاسبه: فلم نجد له أصلًا, ولكنه قد يسلب الله النعمة من عبده إذا كفرها، وليس هذا بلازم, قال تعالى: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ {النحل:112}، وورد في حديث ضعفه بعض أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. رواه أحمد وابن ماجه عن ثوبان - رضي الله عنه -.
والله أعلم.