مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة في اشتراط المرأة على زوجها ألا يتزوج عليها

1-12-2012 | إسلام ويب

السؤال:
ما هو مذهب الحنفية والشافعية - كل على حدة - في أن تشترط الزوجة أثناء عقد النكاح شروطًا مخالفة للشرع, كأن تشترط أن لا يتزوج عليها؟
ما هو مذهب الحنفية بالنسبة للتعامل بالربا في بلاد الكفر؟ فأنا سمعت أنه قد أجاز ذلك، ومن غير المعقول أن يجيز إمام كبير كأبي حنيفة ذلك.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فمذهب الحنفية والشافعية في اشتراط المرأة في عقد النكاح ألا يتزوج عليها أنه شرط غير معتبر, لكنه لا يفسد عقد النكاح, قال محمد بن الحسن الشيباني في الحجة: "النِّكَاح فِي ذَلِك جَائِز وَالشّرط بَاطِل", وفي المبسوط للسرخسي: "والوفاء بهذا الشرط لا يلزمه, كما لو التزمه بنفسه", وفي الحاوي من كتب الشافعية: "وأما ما كان من جهة الزوجة, فمثل أن تشترط عليه أن لا يتزوج عليها...فهذه شروط فاسدة؛ لأنها منعته مما له فعله...", وقال النووي في روضة الطالبين: "وَإِنْ شَرَطَ مَا يُخَالِفُ مُقْتَضَاهُ، فَهُوَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا لَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ الْأَصْلِيِّ مِنَ النِّكَاحِ، فَيَفْسُدُ الشَّرْطُ، سَوَاءٌ كَانَ لَهَا، بِأَنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يَتَسَرَّى، أَوْ يُطَلِّقَهَا، أَوْ لَا يُسَافِرَ بِهَا، أَوْ أَنْ تَخْرُجَ مَتَى شَاءَتْ، أَوْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا, أَوْ كَانَ عَلَيْهَا، بِأَنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَقْسِمَ لَهَا، أَوْ يَجْمَعَ بَيْنَ ضَرَّاتِهَا وَبَيْنَهَا فِي مَسْكَنٍ، أَوْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا, ثُمَّ فَسَادُ الشَّرْطِ لَا يُفْسِدُ النِّكَاحَ عَلَى الْمَشْهُورِ"؛ وعليه فمذهب الحنفية والشافعية في مثل ذلك الشرط هو بطلانه وعدم اعتباره.

ولابن قدامة الحنبلي كلام حسن حول هذا الشرط, وبيان صحته, يحسن إيراده في هذا المقام, حيث يقول كما في المغني: ( الشروط في النكاح تنقسم أقسامًا ثلاثة، أحدها: ما يلزم الوفاء به، وهو ما يعود إليها نفعه وفائدته، مثل: أن يشترط لها أن لا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يسافر بها، أو لا يتزوج عليها، ولا يتسرى عليها، فهذا يلزمه الوفاء لها به، فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح, يروى هذا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وسعد بن أبي وقاص، ومعاوية, وعمرو بن العاص - رضي الله عنهم - وبه قال شريح، وعمر بن عبد العزيز، وجابر بن زيد، وطاوس، والأوزاعي، وإسحاق, وأبطل هذه الشروط الزهري، وقتادة, وهشام بن عروة, ومالك، والليث، والثوري، والشافعي، وابن المنذر، وأصحاب الرأي, قال أبو حنيفة، والشافعي: ويفسد المهر دون العقد، ولها مهر المثل, واحتجوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل شرط ليس في كتاب الله، فهو باطل، وإن كان مائة شرط» وهذا ليس في كتاب الله؛ لأن الشرع لا يقتضيه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم، إلا شرطا أحل حرامًا، أو حرم حلالًا» وهذا يحرم الحلال، وهو التزويج والتسري والسفر؛ ولأن هذا شرط ليس من مصلحة العقد ولا مقتضاه، ولم يبن على التغليب والسراية، فكان فاسدًا، كما لو شرطت أن لا تسلم نفسها, ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج» رواه سعيد, وفي لفظ: «إن أحق الشروط أن توفوا بها، ما استحللتم به الفروج» متفق عليه, وأيضًا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم» ولأنه قول من سمينا من الصحابة، ولا نعلم لهم مخالفًا في عصرهم، فكان إجماعًا, وروى الأثرم بإسناده: أن رجلًا تزوج امرأة، وشرط لها دارها، ثم أراد نقلها، فخاصموه إلى عمر فقال: لها شرطها, فقال الرجل: إذا تطلقنا, فقال عمر: مقاطع الحقوق عند الشروط؛ ولأنه شرط لها فيه منفعة ومقصود لا يمنع المقصود من النكاح، فكان لازمًا، كما لو شرطت عليه زيادة في المهر أو غير نقد البلد, وقوله عليه السلام: «كل شرط ليس في كتاب الله، فهو باطل» أي: ليس في حكم الله وشرعه، وهذا مشروع, وقد ذكرنا ما دل على مشروعيته, وعلى من ادعى الخلاف في مشروعيته, وعلى من نفى ذلك الدليل، وقولهم: إن هذا يحرم الحلال, قلنا: لا يحرم حلالًا، وإنما يثبت للمرأة خيار الفسخ إن لم يف لها به, وقولهم: ليس من مصلحته قلنا: لا نسلم ذلك فإنه من مصلحة المرأة، وما كان من مصلحة العاقد كان من مصلحة عقده، كاشتراط الرهن والضمين في البيع...إلخ)

وأما رأي الحنفية في الربا بدار الكفر فانظره في الفتوى رقم: 20702.

والله أعلم.

www.islamweb.net