الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به أولا هو أن تحرص على الصلح إن وجدت له موضعا، وألا تلجأ إلى الطلاق إلا إذا ضاق الامر جدا ولم تجد إلى الإصلاح سبيلا، قال تعالى: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.
ثم إن استقر رأيك على تطليق زوجتك فيجب عليك أن تطلقها للسنة، وذلك بأن تنتظر حتى تحيض ثم تطهر فتطلقها إن شئت، ولا يجوز لك أن تطلقها في الطهر الذي جامعتها فيه، قال ابن قدامة في معنى طلاق السنة: هو الطلاق في طهر لم يُصِبْهَا فِيهِ، ثُمَّ يَتْرُكُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، أَنَّهُ مُصِيبٌ لِلسُّنَّةِ، مُطَلِّقٌ لِلْعِدَّةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: طَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ. وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] . وَقَالَ: طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ. وَنَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ: «لِيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أمر الله أن يطلق لها النساء. انتهى.
فإن طلقتها والحال ما ذكر من كونك جامعتها في هذا الطهر أثمت ووقع طلاقك، وسواء كان حيضها يتأخر بسبب الوسيلة المذكورة أو لا، فإنه لا يجوز لك تطليقها حتى يأتيها الحيض ثم تطهر منه.
والله أعلم.