الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي تاب عليك من هذا الإثم العظيم، وعليك أن تمضي في طريق الاستقامة, وتحافظ على الطاعات, فتفعل الواجبات وتترك المحرمات, وينبغي أن تكثر من فعل المستحبات، واعلم أن الحسنات يذهبن السيئات، واعلم أن توبتك إذا كانت توبة صادقة نصوحًا فإن الله تعالى يقبلها بمنِّه وكرمه ورحمته, ويمحو عنك الذنب مهما كان عظيمًا, فإنه سبحانه يقول: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ {الشورى:25}، ويقول سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له, ولعل ما ابتلاك به الله سبحانه كان من رحمته بك, ولطفه بك لتتوب إليه وتقبل عليه، فأحسن ظنك بربك, واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، فلا تفكر في غد, ولا تخش من أن يبتليك الله تعالى بهذا المرض مرة أخرى أو بغيره, بل وطن نفسك على التسليم لحكم الله, والرضا بقضاء الله, عالمًا أن الله تعالى لا يقضي لعبده المؤمن قضاء إلا كان خيرًا له, وأنه سبحانه أرحم بعبده من الأم بولدها, وأنه سبحانه أعلم بمصالح عبده, وأقدر على إيصالها إليه، فعلق قلبك به, وتوكل في جميع أمورك عليه، واحرص على الأخذ بأسباب الثبات على الاستقامة من صحبة الصالحين, وإدامة ذكر الله تعالى ودعائه, والتضرع له بالتثبيت على الحق والدين، نسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق حتى نلقاه.
وأما ما تركته من الصلوات: فيجب عليك قضاؤه عند جمهور العلماء، وانظر الفتوى رقم: 128781, وكذا يجب عليك قضاء ما أفطرته من أيام في رمضان, مع وجوب التوبة النصوح إلى الله تعالى.
وإن كنت لا تعلم عدد ما يلزمك قضاؤه من الأيام والصلوات فإنك تتحرى, فتقضي ما يحصل لك معه اليقين, أو غلبة الظن ببراءة الذمة، ولبيان كيفية القضاء انظر الفتوى رقم: 70806.
والله أعلم.