الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان في هذا الحديث ما يشير إلى كشف الوجه فيحمل على كون ذلك قبل نزول آية الحجاب, فعن أم المؤمنين عائشة - رضي الله تعالى عنها - أنها قالت: "يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ:{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا" قال الإمام الحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري شرح صحيح البخاري: "قَوْلُهُ: مُرُوطَهُنَّ جَمْعُ مِرْطٍ، وَهُوَ الْإِزَارُ ... قَوْلُهُ: فَاخْتَمَرْنَ أَيْ غَطَّيْنَ وُجُوهَهُنَّ" اهـ. وقال البغا في شرحه لصحيح البخاري: "وكانت هذه الزيارة وهذا الحوار قبل أن يُفرض الحجاب على المسلمات"
وأما الاختلاط فقد تقدم في الفتوى رقم: 118479 ما يجوز منه وما لا يجوز, وكلام سلمان الفارسي مع أم الدرداء - رضي الله تعالى عنهما - يفهم في هذا السياق, فإن مجرد كلام الرجل مع المرأة لحاجة، مع أمن الفتنة ومراعاة ما يجب عليها من الستر لم يُحرِّمه الله تعالى، قال المباركفوري في شرح الترمذي: "وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ - حديث سلمان المسؤول عنه - من الفوائد: مشروعية المؤاخاة فِي اللَّهِ, وَزِيَارَةُ الْإِخْوَانِ, وَالْمَبِيتُ عِنْدَهُمْ, وَجَوَازُ مُخَاطَبَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ لِلْحَاجَةِ, وَالسُّؤَالِ عَمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْمَصْلَحَةُ" اهـ, وراجع الفتوى: 30792.
والله أعلم.