الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق إذا كان لحاجة فهو مباح، قال ابن قدامة في المغني - عند كلامه على أقسام الطلاق -: " والثالث: مباح, وهو عند الحاجة إليه لسوء خلق المرأة, وسوء عشرتها, والتضرر بها من غير حصول الغرض بها"
لكن الذي ننصحك به ألا تتعجل في طلاق زوجتك، وإذا كنت بحاجة إلى الزواج فلا مانع من الزواج بغيرها, بشرط أن تعدل بينهما، واعلم أن محافظة الزوج على حدود الله, وحرصه على غض بصره عن الحرام من أهم أسباب قناعة الزوج بزوجته، كما أن إطلاق البصر في المحرمات, والتهاون في الكلام مع النساء الأجنبيات ونحو ذلك، يزهّد الزوج في زوجته, ولو كانت أجمل نساء الأرض، ويفتح الأبواب للشيطان ليزين له الافتتان بغيرها والنفور منها، فاحرص على غض البصر وسد أبواب الفتنة، وعاشر زوجتك بالمعروف, لعلّ الله يجعل لك فيها خيرًا كثيرًا، واعلم أن حصول المودة والتفاهم بين الزوجين يحتاج إلى الصبر, وإلى التجاوز عن بعض الأخطاء, والتغاضي عن الزلات والهفوات, والنظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاق الطرف الآخر، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِىَ مِنْهَا آخَرَ. صحيح مسلم, قال النووي - رحمه الله -: أَيْ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضَهَا؛ لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَهُ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا, بِأَنْ تَكُونَ شَرِسَةَ الْخُلُقِ لَكِنَّهَا دَيِّنَةٌ أَوْ جَمِيلَةٌ أَوْ عَفِيفَةٌ أَوْ رَفِيقَةٌ بِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. اهـ.
كما أن مشاعر الحب والمودة ليست شرطًا لاستقرار الحياة الزوجية، قال عمر - رضي الله عنه - لرجل يريد أن يطلق زوجته معللًا ذلك بأنه لا يحبها: ويحك، ألم تبنَ البيوت إلا على الحب، فأين الرعاية وأين التذمم؟, وقال أيضًا لامرأة سألها زوجها هل تبغضه؟ فقالت: نعم، فقال لها عمر: فلتكذب إحداكن ولتجمل, فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام. أورده في كنز العمال، وراجع الفتوى رقم: 128712.
وننقل لك كلاما لابن الجوزي - رحمه الله - لعلك تنتفع به بإذن الله تعالى، قال في صيد الخاطر: " أكثر شهوات الحس النساء, وقد يرى الإنسان امرأة في ثيابها، فيتخايل له أنها أحسن من زوجته، أو يتصور بفكره المستحسنات، وفكره لا ينظر إلا إلى الحسن من المرأة، فيسعى في التزوج والتسري، فإذا حصل له مراده، لم يزل ينظر في العيوب الحاصلة، التي ما كان يتفكر فيها، فيملّ، ويطلب شيئًا آخر، ولا يدري أن حصول أغراضه في الظاهر ربما اشتمل على محن، منها أن تكون الثانية لا دين لها، أو لا عقل، أو لا محبة لها، أو لا تدبير، فيفوت أكثر مما حصل! ....."
والله أعلم.