الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فإن هذا السؤال استمرار لمسلسل أسئلة الوسوسة التي ما زلت مسترسلًا معها, ونظن أنها لن تنتهي ما دمت مستسلمًا لتلك الوسوسة, مع أننا نصحناك مرارًا بالبعد عنها, وعدم الاسترسال والاستسلام لها, والذي يمكننا قوله لك الآن هو: إنه يكفيك أن تستنجي بالماء وتكتفي به عن الاستجمار, ويكفيك أن تستجمر بالمنديل وتكتفي به عن الماء, ويجوز لك الجمع بين الاستجمار والاستنجاء بالماء, فافعل ما تراه مناسبًا لقطع الوسوسة عنك, وأثر الاستجمار في محله يعتبر من النجاسة المعفو عنها, كما قال صاحب كشاف القناع: وَأَثَرُ الِاسْتِجْمَارِ نَجِسٌ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ الْخَارِجِ مِنْ السَّبِيلِ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ بَعْدَ الْإِنْقَاءِ وَاسْتِيفَاءِ الْعَدَدِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ، وَالْمُرَادُ فِي مَحَلِّهِ, وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْمُسْتَجْمِرِ يَعْرَقُ فِي سَرَاوِيلِهِ: لَا بَأْسَ بِهِ. اهــ.
بل ذهب بعض العلماء إلى أنه طاهر لا نجس, وهذه إحدى الروايتين عن أحمد, كما قال صاحب الإنصاف: " وَعَنْهُ طَاهِرٌ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ ابْنُ حَامِدٍ, وَابْنُ رَزِينٍ" وقال ابن قدامة في المغني: ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ مَحَلَّ الِاسْتِجْمَارِ بَعْدَ الْإِنْقَاءِ طَاهِرٌ .. اهــ.
فننصحك بالأخذ بهذا القول؛ لأنه أقطع لدابر الوسوسة عنك, وأما مجاوزة الخارج للمحل المعتاد, وما مقدار ذلك فإنهم يقدرونه في البول بنصف الحشفة أو أكثر, كما قال شيخ الإسلام في شرح العمدة: فإذا تعدت عن المخرج المعتاد خرجت عن حد الرخصة, فوجب غسلها كنجاسة سائر البدن, وحد ذلك أن ينتشر الغائط إلى نصف باطن الإلية فأكثر, وينتشر البول إلى نصف الحشفة فاكثر ... اهــ.
والله تعالى أعلم.