الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على التاجر المذكور في دلالة المشترين على من يوصل لهم بضاعتهم, وكون السائقين قد يتعاملون في طريقهم تعاملًا غير مشروع, فإن ذلك لا يحرم عليه الدلالة عليهم, والتعامل معهم تعاملًا مشروعًا, وما يفعلونه من تلقاء انفسهم مما لا يجوز فإثمه عليهم, وينبغي أن ينصحهم بتقوى الله عز وجل، هذا مع أنه قد ذكر ان ما يأتونه من الرشوة إنما هو لدفع الظلم, والتحايل على المكس المحرم - كما وصف في السؤال - وإذا كان كذلك فلا تسمى رشوة في حقهم؛ لأن الرشوة ما دفع لأخذ حق الغير, أو التهرب من دفع حق واجب.
وقد بينا في فتاوى سابقة أن ذلك النوع من الضرائب إذا كان في غير مقابل، أو في مقابل خدمات لا تبلغ الرسم الجمركي، فإنها حينئذ داخلة في المكس، وهو ما يفرض على التجار عند مرور بضائعهم عبر المنافذ, قال في الإنصاف: ويدخل فيه -أي الغصب- ما أخذه الملوك والقطاع من أموال الناس بغير حق من المكوس وغيرها. اهـ
وفي هذه الحالة لا حرج في دفع الظلم بالأخف - وهو هنا مصانعة المسئول بمال أقل لئلا يفرض المكس المحرم الكثير - وهذا فيما إذا كان لا يترتب على بذل الرشوة ضرر أكبر منها, عملًا بقاعدة ارتكاب أخف الضررين، فيجوز فعل الأخف لدفع الأشد.
وكون التاجر يأخذ بفتوى عالم أو اجتهاد مجتهد فإن ذلك لا يمنع التعامل مع من لا يرى ذلك.
والله أعلم.