الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما لا شك فيه أن الاختلاط المعهود في كثير من المؤسسات التعليمية اليوم من الاختلاط المحرم, ومفاسده عظيمة، وسبق أن نبهنا على ذلك بالفتوى رقم: 3539, والضرورات تبيح المحظورات, ولكن ضابط هذه الضرورة: أن يصل المرء إلى الهلاك, أو تبلغه مشقة عظيمة إن لم يرتكب المحظور، وهذا المعنى غير متحقق في حالتك قطعًا، وراجعي الفتوى رقم: 1420, والحاجة الشديدة أيضًا تبيح المحظور، وضابط الحاجة هو: ما لو تركه الإنسان لحقه حرج ومشقة، قال الشاطبي في الموافقات: وأما الحاجيات فمعناها أنها مفتقر إليها من حيث التوسعة, ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب، فإذا لم تراع دخل على المكلفين ـ على الجملة ـ الحرج والمشقة، ولكنه لا يبلغ مبلغ الفساد العادي المتوقع في المصالح العامة. اهـ.
وقد ذكرت أن مستواك جيد بل ومتفوقة، فلست - إذن - في حاجة تسوغ لك هذه الدراسة المختلطة، فالسلامة كل السلامة في البعد عنها, والبحث عن وسيلة أخرى، ومن ذلك أن تستعيني بمعلماتك أو زميلاتك في فهم ما قد يستعصي عليك, أو تجتهدي في إقناع والدك بالذهاب إلى المركز البعيد الخالي من الاختلاط, وستجدين العون من الله تعالى، فهو القائل: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا {الطلاق:2}، وروى أحمد في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إنك لن تدع شيئًا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه".
وننبه في الختام إلى أنه إذا كان هنالك تمايز بين الفتيان والفتيات بحيث يكون الفتيان في جانب والفتيات في جانب آخر فيحصل التمايز, وينتفي الاختلاط المحرم, فلا حرج حينئذ في الدراسة في هذا المكان, ولمعرفة حد الاختلاط الجائز والاختلاط الممنوع نرجو مطالعة الفتوى رقم: 173063.
والله أعلم.