الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فامتناع العامل من تزوير شهادات بخلاف الحقيقة هو الصواب, مهما كان الغرض منه, وأمر المدير بذلك لا يبيح ارتكابه, ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وينبغي أن يشكر على امتناعه عن التعاون مع مديره على الحرام, فقد قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2} ومن كان مع الله كان الله معه, وفي الحديث عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فقال: يا غلام: إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده تجاهك, إذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله, واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك, رفعت الأقلام وجفت الصحف. رواه أحمد وغيره.
قال الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: (احفظ الله) أي: أمره ونهيه (يحفظك) أي: يحفظك في الدنيا من الآفات والمكروهات, وفي العقبى من أنواع العقاب والدركات جزاءً وفاقًا، فإن من كان لله كان الله له.
والله أعلم.