الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فنقول ابتداء: إنه لا يجب الاغتسال بخروج المذي, وإنما يجب غسل ما أصابه المذي من الثياب فقط لأنه نجس, ولا يجب غسل كل العباية ولا البطانية ولا الفراش؛ لأن الأصل فيها الطهارة, ولا تنتقل إليها بمجرد الشك، فلا تفتحي على نفسك باب الوسوسة, واغتسالك لصلاة العشاء لأجل المذي ليس له ما يوجبه, والبلل الذي وجدته ولم تعلمي هل هو عرق أو رطوبة الفرج المعروفة أو مذي؟ فيمكنك التمييز بين هذه الأمور بأن المذي يخرج في الغالب عند التفكير في الشهوة, أو رؤية ما يهيجها, فإن سبق ذلك البلل شيء من هذا فالغالب أن يكون البلل مذيًا, ولو صليت قبل غسله جهلًا بأنه مذي فإن صلاتك صحيحة إذا كنت قد توضأت بعد خروجه, كما فهمناه من قولك - فقمت بالتوضؤ - قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: القول الراجح أنه إذا صلى بالنجاسة ناسيًا، أو جاهلًا، فإن صلاته صحيحه مثل لو أصاب ثوبه نجاسة تهاون في غسلها, أي: لم يبادر بغسلها ثم صلى ناسيًا غسلها، فإن صلاته تصح؛ لقوله تعالى: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا), وكذلك لو كان جاهلًا بها لم يعلم بها إلا بعد أن صلى، فإن صلاته تصح ... اهــ . وانظري الفتوى رقم: 123577.
وإن لم يسبق ذلك البلل شيء مما يهيج الشهوة فإن الأصل عدم خروج المذي, ويبقى احتمال كونه عرقًا أو رطوبة فرج, والعرق طاهر -كما هو معلوم- ورطوبة الفرج طاهرة أيضًا على الصحيح كما بيناه في الفتوى رقم: 110928, فصلاتك صحيحة على كل حال.
ولا نخفي السائلة سرًا إن قلنا: إننا نشعر أنها مصابة بوسوسة في موضوع النجاسة, فننصحها بعدم الاسترسال مع تلك الوسوسة, وأن تقطعها من أول الطريق حتى لا تنغص عليها عبادتها وحياتها, وانظري الفتوى رقم: 51601.
والله تعالى أعلم.