الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على البائع أن يبين ما في السلعة من العيوب قبل بيعها، ومن باع سلعة وكتم عيبها فقد أثم بفعله، والبيع صحيح، وقد روي عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المسلم أخو المسلم، ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعًا فيه عيب إلا بينه له. رواه أحمد وابن ماجه وهذا لفظه، وحسنه الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق.
قال النووي في المجموع: إن باع ولم يبين العيب صح البيع مع المعصية.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الفقهاء إلى أنه يجب على البائع إذا علم شيئًا بالمبيع يكرهه المشتري أن يبينه بيانًا مفصلًا، وأن يصفه وصفًا شافيًا زيادة على البيان، إن كان شأنه الخفاء؛ لأنه قد يغتفر في شيء دون شيء، يحرم عليه عدم البيان ويكون آثمًا عاصيُا, وإذا وقع البيع مع كتمان العيب فالبيع صحيح مع الإثم والمعصية عند جمهور الفقهاء. انتهى.
وجاء فيها أيضًا: ضابط العيب في المبيع عند الحنفية والحنابلة أنه ما أوجب نقصان الثمن في عادة التجارة؛ لأن التضرر بنقصان المالية. انتهى.
وبالتالي: فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى مما وقعت فيه، وأن تخبر المشتري بالعيب, وله الخيار بين الفسخ والإمساك, قال ابن قدامة في المغني: أنه متى علم - أي المشتري - بالمبيع عيبًا، لم يكن عالمًا به، فله الخيار بين الإمساك والفسخ، سواء كان البائع علم العيب وكتمه، أو لم يعلم، لا نعلم بين أهل العلم في هذا خلافًا. انتهى.
ويسقط خياره إن علم بالعيب فرضي بالمبيع.
وإذا لم تستطع الوصول إليه فيكفيك الاستغفار, والتصدق بقيمة العيب عن المشتري عملًا بالاحتياط, وإن كان المشتري قد يحتمل اطلاعه على العيب ورضاه به, لكن ذلك غير مقطوع به, وعليه.. فالأحوط والأبرأ للذمة ما دمت لم تجد المشتري هو التصدق عنه بقيمة العيب, بحيث تقدر قيمة الجهاز دون العيب, وقيمته معيبًا، والفارق بين القيمتين هي قيمة العيب فتتصدق بها عن المشتري.
وقد قيل: والاحتياط في أمور الدين من فر من شك إلى يقين.
والله أعلم.