الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حرمة العادة السرية والأضرار الناتجة عنها في الفتوى رقم: 23868 وما أحيل عليه فيها.
واليمين على تركها تؤكد وجوب الترك؛ لأن ترك المعصية واجب أصلا، وتجب عليه الكفارة لحنثه بعودته إلى المعصية.
وما قاله هذا الشخص هو خطأ كبير وإثم مبين والعياذ بالله؛ لما روى أبو داود والنسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: من حلف فقال إني بريء من الإسلام فإن كان كاذباً فهو كما قال، وإن كان صادقاً فلن يرجع إلى الإسلام سالماً. صححه الألباني.
وهذا القول -رغم قبحه وشناعته- فهو غير مخرج من الملة، إذا كان صاحبه لا يريد الكفر .
قال الشوكاني في النيل عند شرح الحديث السابق: ... والتحقيق التفصيل، فإن اعتقد تعظيم ما ذكر كفر، وإن قصد حقيقة التعليق فينظر، فإن كان أراد أن يكون متصفاً بذلك كفر؛ لأن إرادة الكفر كفر، وإن أراد البعد عن ذلك لم يكفر. اهـ.
وجاء في المبسوط للسرخسي: ... والأصح أنه إن كان عالما يعرف أنه يمين؛ فإنه لا يكفر به في الماضي والمستقبل, وإن كان جاهلا وعنده أنه يكفر بالحلف يصير كافرا في الماضي والمستقبل; لأنه لما أقدم على ذلك الفعل, وعنده أنه يكفر به فقد صار راضيا بالكفر. اهـ.
وقد اختلف أهل العلم في لزوم كفارة يمين في هذا الحلف.
قَالَ ابن الْمُنْذِرِ: اخْتُلِفَ فِيمَنْ قَالَ أَكْفُرُ بِاللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِك إن فعلت، ثمَّ فعل. فَقَالَ ابن عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ وَجُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ كَافِرًا إِلَّا إِنْ أَضْمَرَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْحَنَفِيَّةُ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ هُوَ يَمِينٌ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَة. قَالَ ابن الْمُنْذِرِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِقَوْلِهِ: مَنْ حَلَفَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ كَفَّارَةً.
والراجح عدم لزوم الكفارة كما تقدم في الفتوى رقم: 131022.
والخلاصة أن على هذا الشخص أن يبادر بالتوبة النصوح، ويكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة، والعزم على عدم العودة إلى ما حرم الله؛ قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طـه:82}. وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 66748.
والله أعلم.