الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن غلاء السيارة والإسراف في ذلك، فإن حد الإسراف يختلف باختلاف حال المرء غنىً وفقراً، فلا يمكن فيه ضابط يسع الناس كلهم لا يتفاوتون فيه، فالمرجع فيه إلى السعة والعرف، فقد يكون الشيء إسرافا بالنسبة لشخص مّا، واعتدالا وتوسطا بالنسبة لغيره، لكن كما يقول العلامة عبد العزيز المحمد السلمان: من تجاوز طاقته مباراة لمن هم أغنى منه وأقدر كان مسرفاً.
وبكل حال، فالاعتدال في النفقة وتوابعها من مأكل ومسكن، ومركب، هو منهج الإسلام، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ونهج صحبه.
وراجع الفتويين التاليتين: 30853 ، 177893 وما أحيل عليه فيهما من فتاوى؛ فقد بسطنا ثمت القول في الإسراف، وحده، وضابطه.
وأما ما كنت نويته من التفاخر بهذه السيارة إذا حصلتها: فحسبك في التحلل من ذلك أن تصرف عنه نيتك، فتعدل عن ذلك القصد المذموم.
وأما عن وسائل تجنب الوقوع في الرياء والفخر، فنقول: إن ملاك كل ذلك إلى القلب، فمن غرس في قلبه مراعاة الله تعالى واستشعر مراقبته وعلوه وعظمته، وأخلص إليه في الزلفى، ترفعت بذلك همته وعلت عن رذائل النفوس، وسفاسف القصد، وهان عليه من مظاهر الدنيا كل زخرف مموه، ففي الحقيقة ليس مرد الأمر إلى الملبس والهيئة وإنما إلى خلجات القلوب.
يقول الراغب الأصفهاني: فمن نظر بعين عقله وانحسر عنه قناع جهله، علم أن أعراض الدنيا عارية مستردة، لا يؤمن في كل ساعة أن تسترجع. فالمباهي بها مباهاة بغير ثراه، ومتبجح بما في يد سواه كالفاخرة بجدح ربَّتها، بل هو أدون من ذلك.فقد قال بعض الحكماء لمن يفتخر بثرائه: إن افتخرت بفرسك فالحسن والفراهة له دونك، وإن افتخرت بثيابك وآلاتك فالجمال لهما دونك، وإن افتخرت بآبائك فالفضل فيهم لا فيك، ولو تكلمت هذه الأشياء لقالت: هذه محاسننا فما لك من الحسن! وأيضًا فالأعراض الدنيوية سحابة صيف عن قليل تقشع، وظل زائل عن قليل يضمحل.
وراجع الفتوى قم: 134994.
والله أعلم.