الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك سعيك في بر خالتك، وصبرك على جفائها وهجرها لك ولأمك، ولتعلم أن في صينعك هذا رغم حزازته في النفس أجرا عظيما، فإن صلة القاطع، والصبر على أذاه له شأن عند الله تعالى، فنسأل الله أن يتقبل منك، وأن ثيبك على حسن الصنيعة هذا جزيل الثواب.
وراجع الفتوايين التاليتين: 17813 / 4417 .
ثم إن الخالة من آكد الأرحام قرابة، وأمسهم آصرة، وبرها وصلتها والإحسان إليها أمر أكيد، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخالة بمنزلة الأم. متفق عليه.
وروى التِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ: إنِّي أَذْنَبْت ذَنْبًا عَظِيمًا فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فَقَالَ هَلْ لَك مِنْ أُمٍّ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ: هَلْ لَك وَالِدَانِ ؟ قَالَ لا . قَالَ: فَهَلْ لَك مِنْ خَالَةٍ ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَبِرَّهَا.
ونحن نرى أنه لا تعارض بين إحسانك إلى أمك وبرك بها، وبين صلتك لهذه الخالة، وليس فيه جحود لواجب أمك، بل على العكس نرى أنك بالمداومة على هذه الصلة وهذا الإحسان، والتغاضي عن الجفاء، قد تزيل العقد الدفينة، بينهما، ولا ينبغي لك أن تقطع هذه الخالة بحال؛ بل لو أمرتك أمك بذلك لم يكن لك أن تطيعها فيه، إذ لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق.
فخلاصة القول: أن سعيك هذا فعل حميد يذكر لك فيشكر، وعلى ما أنت فاثبت، فأنت إن شاء الله على سنن قويم.
والله أعلم.