الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول أولًا: إن من المعلوم أن الغالب أن المرأة عند الحمل أو الولادة تعتريها آلام, وتتضرر بعض الشيء بذلك؛ ولذا قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا {الأحقاف:15}، فهذا أمر طبيعي إذن, وقد يكون كلام الأطباء في حث المرأة على منع الإنجاب أحيانًا على سبيل الاحتياط, لا على سبيل الجزم, أو غلبة الظن بأن في ذلك خطرًا على حياتها, فإذا أصرت المرأة على الإنجاب والحالة هذه لم ترتكب بذلك مخالفة شرعية, ولم تكتسب إثمًا، بل تؤجر - بإذن الله - بحرصها على الإنجاب, وتكثير أمة النبي الأواب, ولا حرج على زوجها في مساعدته لها على الإنجاب، ويؤجر أيضًا - بإذن الله -.
وأما إذا أخبرها الأطباء الخبراء الموثوقون بأن في الحمل خطرًا عليها محققًا كان أم غالبًا، فلا يجوز لها المخالفة والإقدام على الإنجاب, ولا يجوز لزوجها إعانتها في ذلك, فإلحاق الضرر بالنفس ممنوع، قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: كل ما يكون فيه ضرر على البدن محرم, فإن بدن الإنسان عنده أمانة, لا يجوز أن يعرضه إلى شيء يضره فيه, وقد قال الله عز وجل: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا), وقال الله تعالى: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ), وأوجب الله على المريض إذا كان يضره استعمال الماء أن يتيمم..... اهـ.
والله أعلم.