الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله الأب يعتبر اعتداء محرمًا لا يجوز له, وعليه الكف عنه, وتقدير ما استهلك من الماء ودفعه للجهة المسؤولة, فإن لم يستطع إيصاله إليها دفعه في المصالح العامة, كالمدارس, والمستشفيات ونحوها.
وليس لكم أخذ ذلك الماء لسقي الشجر, أو للشرب, أو غيره؛ لكونه ماء مسروقًا معتدىً عليه, فمن علم بحاله وأخذ منه فهو مثله, قال عليش في فتاويه: مسألة في معاملة أصحاب الحرام، وينقسم مالهم قسمين: أحدهما: أن يكون الحرام قائمًا بعينه عند الغاصب أو السارق أو شبه ذلك فلا يحل شراؤه منه، ولا البيع به إن كان عينًا، ولا أكله إن كان طعامًا، ولا لباسه إن كان ثوبًا، ولا قبول شيء من ذلك هبة، ولا أخذه في دين، ومن فعل شيئًا من ذلك فهو كالغاصب بكون الحرام قد فات في يده، ولزم ذمته.
وأما عن حكم انتفاعكم بالثمرة بعد سقي الشجر بذلك الماء فلا حرج عليكم في ذلك, لكن عليكم ضمان الماء الذي استعملتموه في السقي, قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: لو سقى زرعه بماء مغصوب ضمن الماء ببدله، والغلة له؛ لأنه المالك للبذر، فإن غرم البدل وتحلل من صاحب الماء كانت الغلة أطيب له مما لو غرم البدل فقط. اهـ.
وما دفعته الأم من المال في المسجد إن كان بنية التحلل من ذلك الفعل وهو يساوي قيمة الماء ولا يمكن إيصاله للجهة المسؤولة فتبرؤون به من الإثم, وإلا لزم دفع قيمة الماء للجهة المسؤولة, فإن تعذر ذلك دفع في المصالح العامة كما بينا سابقًا.
وأما الناس الذين يستعملون الماء ولا يعلمون عن اعتداء والدكم فلا حرج عليهم, ويكون الإثم على أبيكم, فليتق الله تعالى, وليكف عن ذلك الأمر, وإن لم يفعل فعليكم إعلام الجهة المسؤولة لتقطع الماء, وللفائدة انظر الفتوى رقم: 71595.
والله أعلم.