الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى مسوغا لكل هذا الضجر والتسخط، فالظاهر من سؤالك أنك بفضل الله في عافية، وقد أنعم الله عليك بنعم عظيمة، وعافاك من كثير من البلايا، ولو تفكرت في نعمة واحدة من تلك النعم لشعرت برحمة الله وكرمه وإنعامه عليك، وأحسست بالتقصير في شكر تلك النعم، فتفكري في نعم الله عليك، وانظري حولك في من حرم بعض هذه النعم، وابتلاه الله بشيء من الضر في بدنه أو ماله أو أهله، واشكري الله قلبا ولسانا وعملا، وإياك واليأس فالمؤمن لا ييأس أبداً، فاحذري من كيد الشيطان، وأن يلقي في قلبك اليأس، وأحسني الظن بالله، وفوضي أمرك إليه، فهو سبحانه أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا، وأعلم بمصالحنا من أنفسنا، واعلمي أنّ التفاؤل من صفات المؤمن، وهو شعور يمنح الإنسان طاقة نفسية تجعله قادراً على مواجهة الصعاب، والتغلب على المشكلات. وهو ينبع من حسن ظنه بالله تعالى، وثقته به، وتوكله عليه؛ وراجعي الفتوى رقم: 124844
واستعيني بالله ولا تعجزي، واعلمي أنه لا كاشف للضرّ إلّا الله، ولا راحة للقلب، ولا طمأنينة للنفس إلا في ظلّ طاعة الله، فلا تلتمسي الراحة والسعادة في كثرة خروجك، أو تحررك من بعض قيود البيت، فهيهات هيهات أن يجد العبد طعم الراحة إلا في ظل طاعة الله عز وجل والقرب منه.
قال ابن القيم (رحمه الله): فَفِي الْقَلْبِ شَعَثٌ، لَا يَلُمُّهُ إِلَّا الْإِقْبَالُ عَلَى اللَّهِ. وَفِيهِ وَحْشَةٌ، لَا يُزِيلُهَا إِلَّا الْأُنْسُ بِهِ فِي خَلْوَتِهِ. وَفِيهِ حُزْنٌ لَا يُذْهِبُهُ إِلَّا السُّرُورُ بِمَعْرِفَتِهِ وَصِدْقِ مُعَامَلَتِهِ. وَفِيهِ قَلَقٌ لَا يُسَكِّنُهُ إِلَّا الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهِ، وَالْفِرَارُ مِنْهُ إِلَيْهِ. وَفِيهِ نِيرَانُ حَسَرَاتٍ: لَا يُطْفِئُهَا إِلَّا الرِّضَا بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَقَضَائِهِ، وَمُعَانَقَةُ الصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ إِلَى وَقْتِ لِقَائِهِ. وَفِيهِ طَلَبٌ شَدِيدٌ: لَا يَقِفُ دُونَ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَحْدَهُ مَطْلُوبَهُ. وَفِيهِ فَاقَةٌ: لَا يَسُدُّهَا إِلَّا مَحَبَّتُهُ، وَالْإِنَابَةُ إِلَيْهِ، وَدَوَامُ ذِكْرِهِ، وَصِدْقُ الْإِخْلَاصِ لَهُ. وَلَوْ أُعْطِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لَمْ تَسُدَّ تِلْكَ الْفَاقَةَ مِنْهُ أَبَدًا. مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين.
فأقبلي على ربّك، وجدّدي التوبة إليه، وتضرعي إليه، واحرصي على الرفقة الصالحة، وسماع المواعظ النافعة، مع كثرة الذكر والدعاء، فإنّ الله قريب مجيب، واحرصي على ما ينفعك، واجتهدي في تحصيل الأسباب التي تحميك من ضيق الصدر وكآبة النفس. وهي مبينة في الفتاوى أرقام:118940، 26806، 50170.
وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات النفسية بالموقع .
والله أعلم.