الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغيبة محرمة بلا ريب، وقد سبق بيان تحريمها وبيان المواضع التي تباح فيها في الفتوى رقم: 134384.
وقد نهى الشرع عن التفاخر وأمر بالتواضع، ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: .. وَإِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ.
كما أمر الشرع بغض البصر, ونهى عن تعمد النظر إلى الأجنبية لغير حاجة، فإن كان هذا الرجل يقع في هذه الأمور المذكورة, فالواجب نصحه وبيان الحق له، ولا يلزم من وقوعه في بعض المخالفات عرضًا أن يحكم عليه بعدم الاستقامة, بل ينبغي النظر إلى مجمل صفاته وأخلاقه، ثم إنا ننبهك إلى أنه لا بد من التثبت قبل اتهام المسلم بما يخل بدينه أو خلقه، فإن أخبرك أحد بأن هذا الرجل يغتابك فالأصل أن هذا المخبر نمام, وعليك ألا تصدقه، وانظر موقف المسلم من النمام في الفتوى رقم: 112691.
كما أن الأصل إحسان الظن بالمسلم, وحمل أفعاله وأقواله على أحسن الوجوه ما أمكن، فقد يكون الرجل في حديثه عن مصاريف زواجه لا يقصد التباهي والافتخار، وقد يكون في نظره لزوجتك غير متعمد، أو يكون معتقدًا جواز النظر إلى وجه الأجنبية من غير شهوة أو خوف فتنة، كما هو قول بعض العلماء، قال المرداوي الحنبلي - رحمه الله - في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف: قال الشيخ تقي الدين - رحمه الله -: هل يحرم النظر إلى وجه الأجنبية لغير حاجة؟ رواية عن الإمام أحمد: يكره، ولا يحرم, وقال ابن عقيل: لا يحرم النظر إلى وجه الأجنبية إذا أمن الفتنة. انتهى. قلت: وهذا الذي لا يسع الناس غيره، خصوصًا للجيران والأقارب غير المحارم الذين نشأ بينهم, وهو مذهب الشافعي.
فالذي ننصحك به أن تحسن إلى هذا الرجل, وتنصح له بالمعروف إن ظهر منه ما يقتضي النصح، ولا يخفى عليك أنه أجنبي عن زوجتك, وليس من محارمها, فالواجب الوقوف عند حدود الشرع من غير إفراط ولا تفريط.
والله أعلم.