الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يفهم من السؤال أن الإدارة جعلت للموظفين وقتا مرنا تتغاضي فيه عن توقيت الحضور بالضبط، وجعلت وقتا يلزم فيه الموظف عند التأخر عنه بكتابة وقت حضوره بالضبط. وإذا كان كذلك، وكانت الإدارة مخولة بذلك التصرف، فلا حرج على الموظفين في فعل ما أمرتهم به، ولا يأثمون بسببه. إذ لا غش فيه ولا خداع، بل هو مقتضى ما أمروا به من قبل الإدارة في العمل كما ذكر في السؤال.
لكن يشكل على هذا سبب اللجوء لكتابة وقت غير الوقت الحقيقي، مع علم الإدارة به وإذنها فيه، فما الحامل لها على ذلك؟ وما الداعي إليه؟ والجواب أن ذلك قد يكون لغرض مباح كمراعاة الترتيبات الإدارية والتنظيمية، كما لو فرضنا مثلا أن كل من تأخر عن الثامنة ولو في الوقت المأذون فيه يحتاج إلى كتابة عذر من الإدارة المباشرة للإدارة العليا، وهذا تحصيل حاصل، وتضييع جهد ومال. مادامت الإدارة العليا أذنت لغيرها في التغاضي عن تأخر العامل مدة من الزمن.
وعلى هذا التقدير فإننا نجد عذرا لما أمرت به الإدارة من كتابة وقت غير وقت الحضور الحقيقي للموظف تفاديا لتلك المفسدة. ويكون هذا الفعل مستساغا. بخلاف ما لو كانت الإدارة المباشرة تفعل ذلك لتخفي عن الإدارة العليا هذا التصرف، فيكون ذلك غشا محرما، وتدليسا ممنوعا، ويأثم الموظف بالتعاون معها فيه.
والله أعلم.