الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حلف على شيء أكثر من مرة وحنث في اليمين الأولى قبل الحلف بالثانية, فإن عليه بكل يمين حنث فيها كفارة؛ ولذلك فإن عليك أربع كفارات؛ لأنك قد حنثت في كل يمين بفعل ما حلفت عنه، ثم حلفت مرة أخرى بعد الحنث وحنثت أيضًا، والراجح عند الحنابلة أن عليك في كل تلك الأيمان كفارة واحدة طالما أن الحنث في جميعها كان قبل التكفير عن أي شيء منها, قال في زاد المستقنع: ومن لزمته أيمان قبل التكفير موجبها واحد فعليه كفارة واحدة, وانظر الفتوى: 106309، وما أحالت عليه.
والكفارة هي أولًا: إطعام عشرة مساكين, أو كسوتهم, أو تحرير رقبة، فإن لم تجد شيئًا من ذلك فعليك صيام ثلاثة أيام عن كل يمين.
وإذا فعلت المعصية مرة أخرى ولم تكن حلفت فليس عليك كفارة يمين؛ لأنك لم تحلف، وإنما عليك أن تبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى .
هذا وننبهك إلى أن عليك أن تحذر من المعصية, فإن عواقبها وخيمة، وعليك أن تحذر من كثرة الحلف المذمومة شرعًا؛ فقد قال الله تعالى: وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ {البقرة:224}، وقال تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة:89}، والذي يريد ترك المعصية حقيقة عليه أن يعقد العزم الجازم على تركها، وإذا لم يكن صادقًا مع نفسه ومع الله تعالى فلن تنفعه كثرة الأيمان وإنما تضره، فعليك أن تتوب إلى الله تعالى, وتعقد العزم الجازم على ألا تعود إلى المعصية فيما بقي من عمرك؛ فإن ترك المعصية واجب بالأصل ـ كما تعلم ـ ولا يحتاج ذلك منك إلى الحلف، وإنما إلى العزم الجازم, والنية الصادقة, والاستعانة بالله تعالى, وكثرة دعائه.
والله أعلم.