الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فقد بلغت منك الوساوس مبلغًا كبيرًا، وعليك أن تجاهد هذه الوساوس, وألا تسترسل معها, وألا تعيرها اهتمامًا، وراجع في وسائل التخلص من الوسوسة الفتاوى أرقام: 39653، 103404، 97944، 3086، 51601.
والصلوات التي صليتها صحيحة لا تطالب بإعادة شيء منها, ولا تطالب بسجود السهو عند الشك ما دمت موسوسًا, وقد نص الفقهاء على أن الموسوس لا يلتفت إلى الوسواس, ولا يطالب بسجود السهو، وأن هذا هو الواجب عليه حتى يعافيه الله تعالى، قال في مطالب أولي النهى: وَلَا يُشْرَعُ سُجُودُ السَّهْوِ إذَا كَثُرَ الشَّكُّ حَتَّى صَارَ كَوِسْوَاسٍ، فَيَطْرَحُهُ, وَكَذَا لَوْ كَثُرَ الشَّكُّ فِي وُضُوءٍ وَغُسْلٍ وَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ وَتَيَمُّمٍ فَيَطْرَحُهُ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ إلَى نَوْعٍ مِنْ الْمُكَابَرَةِ، فَيُفْضِي إلَى زِيَادَةٍ فِي الصَّلَاةِ مَعَ تَيَقُّنِ إتْمَامِهَا، فَوَجَبَ إطْرَاحُهُ وَاللَّهْوُ عَنْهُ لِذَلِكَ. اهــ .
وما ذكرته من سجود السهو لمن استنكحه الشك فهو عند من قال به على سبيل الاستحباب لا الوجوب, كما قال الدسوقي في حاشيته: يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ اسْتِحْبَابًا.
واعلم أن خلاصك مما تعانيه من تلك الشكوك والوساوس يكون بالاستعاذة بالله تعالى, والإعراض عن تلك الوساوس والشكوك بالكلية, وعدم الالتفات ولا الاستجابة لداعيها, قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: وهذا الوسواس يزول بالاستعاذة, وانتهاء العبد, وأن يقول إذا قال لم تغسل وجهك: بلى قد غسلت وجهي, وإذا خطر له أنه لم ينو ولم يكبر يقول بقلبه: بلى قد نويت وكبرت, فيثبت على الحق, ويدفع ما يعارضه من الوسواس، فيرى الشيطان قوته وثباته على الحق فيندفع عنه، وإلا فمتى رآه قابلًا للشكوك والشبهات مستجيبًا إلى الوساوس والخطرات أورد عليه من ذلك ما يعجز عن دفعه وصار قلبه موردًا لما توحيه شياطين الإنس والجن من زخرف القول، وانتقل من ذلك إلى غيره إلى أن يسوقه الشيطان إلى الهلكة. اهــ , وانظر الفتوى رقم: 147167 عمن استنكحه الشك في صلاته.
والله تعالى أعلم.