الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الطلاق بيد الزوج لا يملك أحد إيقاعه غيره، لكن في بعض الأحوال يجوز للقاضي أن يطلق على الزوج رفعا للضرر الواقع على المرأة كحال الإيلاء، أو الإعسار بالنفقة ونحو ذلك؛ وانظر الفتوى رقم: 35430.
فإذا طلق القاضي في الأحوال التي يجوز له التطليق فيها، فطلاقه نافذ، ويقع بائنا لا يملك الزوج فيه الرجعة إلا في الطلاق على المولي، والمعسر عند بعض العلماء، فإنه يكون رجعيا.
جاء في شرح مختصر خليل للخرشي (رحمه الله): يعني أن كل طلاق حكم الحاكم أو نائبه بإنشائه، فإنه يكون بائنا، إلا الطلاق على المولي، والمعسر بالنفقة، فإن الطلاق عليهما رجعي.
وقال ابن قدامة (رحمه الله): والطلاق الواجب على المولي رجعي، سواء أوقعه بنفسه، أو طلق الحاكم عليه. وبهذا قال الشافعي. قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله في المولي: فإن طلقها. قال: تكون واحدة، وهو أحق بها. وعن أحمد، رواية أخرى، أن فرقة الحاكم تكون بائنا. ..... وقال أبو حنيفة: يقع الطلاق بانقضاء العدة بائنا. المغني لابن قدامة.
وقال في طلاق المعسر بالنفقة: فإذا فرق الحاكم بينهما، فهو فسخ لا رجعة له فيه. وبهذا قال الشافعي، وابن المنذر. وقال مالك: هو تطليقة، وهو أحق بها إن أيسر في عدتها. المغني لابن قدامة.
وننبه إلى أن طلاق القاضي لا يقع إلا إذا كان حكما نهائيا.
فقد جاء في فتاوى الأزهر: ولا تبدأ المدة في الطلاق الغيابي الصادر من المحكمة إلا إذا صار نهائيا، بأن مضت مدة المعارضة والاستئناف، ولم يعارض فيه ولم يستأنف، أو استؤنف وتأيد . أما إذا لم يصر الحكم بالطلاق نهائيا فلا يحوز قوة الشىء المحكوم فيه، ولا يكون الطلاق نافذا تترتب عليه آثاره ومنه العدة حتى يكون نهائيا. فتاوى الأزهر.
والله أعلم.