الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك عن زوجتك :" رميت عليها يمين الطلاق ". إن كان المقصود به أنك تلفظت بطلاقها، وكان ذلك بلفظ صريح كأن قلت لها: أنت طالق، أو بكناية من كناياته قاصدا بها الطلاق، فقد وقع الطلاق؛ وراجع في ألفاظ الطلاق الفتوى رقم: 39287. وإن كان المقصود هو أنك حلفت بطلاقها، فالحلف بالطلاق في حكم الطلاق المعلق في قول جمهور الفقهاء يقع فيه الطلاق بالحنث في اليمين، وهو القول الذي نفتي به. وراجع للمزيد الفتوى رقم: 11592.
وأما قولك لأخيها:" اعتبرها طالقاً " فمن كنايات الطلاق فلا يقع بها الطلاق إلا مع النية كما بينا بالفتوى رقم: 3174. والظاهر أنك نويت بها الطلاق، فيقع، وكذا الطلاق بواسطة رسالة الجوال فهو من باب الطلاق كتابة لا يقع إلا بالنية كما هو مبين بالفتوى رقم: 53917.
وهذه التصرفات التي ذكرتها عن زوجتك - إن صحت - مما يدل على سوء خلقها ونشوزها. والشرع الحكيم قد بين كيفية معاملة الناشز، فيمكنك أن تراجع الفتوى رقم: 2589. فإن استقام حالها فذاك، وإلا فأنت في سعة من أن تبقي مثلها في عصمتك، وقد يكون الطلاق والحالة هذه خيرا من إمساكها.
قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة وضررًا مجردًا بإلزام الزوج النفقة والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ. وانظر الفتوى رقم: 48538.
وإن مما يفاقم المشاكل بين الزوجين، ويزيد النار بينهما اشتعالا، ويعقد المشكلة، تدخل أهل الزوجة على غير وجه المصلحة والإصلاح؛ فإن فعلوا ذلك فينبغي أن ينصحوا، ويذكروا بالله تعالى وبسوء عاقبة الفساد والإفساد.
وننبه في ختام هذا الجواب إلى بعض الأمور:
الأمر الأول: أنه يجب على الزوجة أن تقيم حيث يقيم زوجها ما لم يمنعها من ذلك مانع شرعي، وسبق أن بينا ذلك بالفتوى رقم:112185.
الأمر الثاني: أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق إلا إذا وصل صاحبه إلى حد لا يدرك فيه ما يقول. وتراجع الفتوى رقم: 15595.
الأمر الثالث: أن لطم الخدود وشق الجيوب عند المصيبة ليس من خلق أهل الإسلام، بل هو من شأن الجاهلية، إضافة إلى أنه من عادة النساء لا الرجال. وراجع الفتوى رقم: 21997.
والله أعلم.