الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحمد الله أن منّ عليك بالاستقامة والهداية, واعلم أن الأحوط لك والأسلم هو أن تقضي ما فاتك من العبادات الواجبة التي تركتها أو عرضتها للبطلان، مهما كثرت، وهذا مذهب جمهور أهل العلم, وهو المفتى به عندنا. وانظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 51257. 43152. 96477. واعلم أن من أتى بشيء على مقتضى التقليد لمن يثق بعلمه ودينه، فإنه قد أتى بالواجب عليه وسقطت عنه عهدة التكليف؛ لأن هذا هو ما أرشد الله عباده له فقال سبحانه: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}. قال الإمام ابن عبد البر: أما من قلد فيما ينزل به من أحكام شريعته عالما، يتفق له على علمه، فيصدر في ذلك عما يخبره فمعذور، لأنه قد أدى ما عليه وأدى ما لزمه فيما نزل به لجهله، ولا بد له من تقليد عالم فيما جهله، لإجماع المسلمين أن المكفوف يقلد من يثق بخبره في القبلة لأنه لا يقدر على أكثر من ذلك.
وعليه، فإن أخذت بأحد القولين عن تقليد لمن تثق بعلمه ودينه، فقد برأت ذمتك بذلك. وللفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 5592. 42717. 62198.
وأما بالنسبة للوسواس الذي يأتيك، فننصحك بدفعه ما استطعت إلى ذلك سبيلا ً وعدم الالتفات إليه, إلا أن تتيقن خروج ريح منك أو تسمع صوتاً، أو تجد ريحاً كما ذكر في الحديث. فعند ذلك تعيد الوضوء والصلاة. وكذلك بقية الوساوس. فلا تخرج من صلاتك إلا بتيقن الإتيان بالمفسد، وإلا فامض في صلاتك ولا تلتفت للوساوس. واعلم أنه لا أثر للشك والوسوسة بعد انقضاء الصلاة. فما قد صليته معتقداً صحة الصلاة فلا شيء عليك فيها. واعلم أن الوسواس حسب سؤالك يأتيك في أزمنة دون أزمنة, وعلى ذلك فعليك أن تبحث عن الأمور التي تسبب لك الوسوسة فتتجنبها, والأمور التي تدعوك إلى الخشوع فتلزمها. ونسأل الله تعالى أن يشفيك من هذه الأمور, وأكثر من دعاء الله أن يفرج عنك ما أنت فيه. وانظر فتاوينا التالية أرقامها: 56647. 64469.
والله أعلم.