الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الأخ على تلك الحال التي وصفت من الكذب, والإساءة إلى الوالدين, ومشاهدة الأفلام الإباحية، فهو على خطر كبير، والواجب عليك نصحه, وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.
وأما هجرك له بسبب معاصيه: فالراجح - والله أعلم - أن العبرة بالمصلحة المترتبة عليه، فإن كان الهجر يفيد في إصلاحه فهو أولى، وإن كان الأصلح له الصلة مع مداومة النصح فالصلة أولى، وانظري الفتوى رقم: 14139.
وحيث كانت مقاطعتك له بسبب معصيته - لا لسبب دنيوي - فلا تكون سببًا لدخولك في الوعيد المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ, فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا, إِلاَّ امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ, فَيُقَالُ: ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا. رواه مسلم.
فذلك الوعيد لمن كانت مهاجرته لأمور الدنيا وحظوظ النفس، قال أبو داود في السنن: إذا كانت الهجرة لله فليس من هذا بشيء.
وننبه إلى أنه ينبغي للمؤمن أن يتسع قلبه رحمة, ورأفة للعصاة, ويرجو لهم الهداية والتوبة، ولا ينافي ذلك إنكاره للمنكر وبغضه للمعصية، فإنه لا يكره العاصي لذاته، وإنما يكرهه لما تلبس به من المعصية، قال ابن القيم - رحمه الله - في طريق الهجرتين في مشاهد الناس في المعاصي: ..أن يقيم معاذير الخلائق وتتسع رحمته لهم، مع إقامة أمر الله فيهم، فيقيم أمر الله فيهم رحمة لهم، لا قسوة وفظاظة عليهم.
والله أعلم.