الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مبلغ القرض قد تم سداده لجدك أو لورثته من بعده، فيجب فك الرهن وتحرير الأرض لينتفع بها ورثة المدين؛ وأما إن كان الدين لم يتم سداده بعد، فمن حق أصحاب الدين عدم تحرير الرهن حتى يتم سداد الدين. فإن أبوا عن سداده، أوعجزوا عنه، وقد حل أجله - على خلاف في حلول الأجل بالموت بيناه في الفتوى رقم: 128435 - فلهم حينئذ رفع الأمر للحاكم ليبيع الرهن، ويسدد الدين من ثمنه، فإن فضل من ثمنه شيء عن الدين فلمالكه، وإن بقي شيء من الدين فيسدد من تركة الميت، فعن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه. رواه البيهقي.
وننبه هنا على أمور:
أولها: أن تسجيل الرهن لدى الدوائر الرسمية بما يثبت حق المرتهن فيه كاف لثوبته. ويسميه الفقهاء المعاصرون بالرهن الرسمي؛ وانظر الفتويين: 96080، 48318.
ثانيها: أن ما يجب على ورثة المدين قضاؤه، هو المبلغ الذي ثبت في ذمة مورثهم وقت القرض، بغض النظر عن قيمته وقت الأداء، سواء ارتفعت قيمة العملة التي أخذ بها أو انخفضت؛ لأن الواجب في قضاء الديون أن تقضى بمثلها لا بقيمتها، إلا إذا تعذر المثل فتقضى حينئذ بقيمتها، وسواء في ذلك إذا تأخر المقترض في سدادها أم لم يتأخر، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 7110 والفتوى رقم: 51076.
ثالثها: أن سداد دين الميت مما تجب المبادرة إليه إن ترك الميت وفاء، ويبدأ به قبل قسمة التركة كما قال تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:11}. فنص الله تعالى على تقديم إخراج ديون الميت على قسمة التركة بين الورثة، وفي الحديث: نفس المؤمن معلقه بدينه حتى يقضى عنه. رواه الترمذي. قال العراقي: أي أمرها موقوف لا حكم لها بنجاة ولا هلاك، حتى ينظر هل يقضى ما عليها من الدين أم لا . انتهى. وقال السيوطي: أي محبوسة عن مقامها الكريم. انتهى. وقد بينا سابقا أن قضاء الدين، وفكاك الرهن، من الحقوق المتعلقة بعين التركة، وتجب قبل قسمتها.
والله أعلم.