الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فقد سبق أن أجبناك على هذا السؤال في الفتوى رقم: 195341 عن حكم المداومة على النفل المطلق الذي لم يداوم عليه النبي صلى الله عليه وسلم, وفي هذه الفتوى وما أحيل إليه فيها كفاية وغنية عن الإعادة.
وقد أكثرت - أيها الأخ - من السؤال عن عما يتعلق بالاستمرار على النوافل المطلقة كثرة تدل على شيء من التنطع والتكلف, وقد تدخل في كثرة السؤال المنهي عنها في الحديث, كما في حديث أبي هريرة مرفوعًا: وَيكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ, وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ رواه الشيخان.
قال الحافظ ابن حجر: وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى النَّهْي عَنْ كَثْرَة الْمَسَائِل وَالتَّعَمُّق فِي ذَلِكَ، قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْح السُّنَّة: الْمَسَائِل عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدهمَا: مَا كَانَ عَلَى وَجْه التَّعْلِيم لِمَا يُحْتَاج إِلَيْهِ مِنْ أَمْر الدِّين فَهُوَ جَائِز, بَلْ مَأْمُور بِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ) الْآيَة، وَعَلَى ذَلِكَ تَتَنَزَّل أَسْئِلَةُ الصَّحَابَة عَنْ الْأَنْفَال وَالْكَلَالَة وَغَيْرِهِمَا.
ثَانِيهمَا: مَا كَانَ عَلَى وَجْه التَّعَنُّت وَالتَّكَلُّف، وَهُوَ الْمُرَاد فِي هَذَا الْحَدِيث - وَاَللَّه أَعْلَم - وَيُؤَيِّدهُ وُرُود الزَّجْر فِي الْحَدِيث عَنْ ذَلِكَ وَذَمّ السَّلَف، فَعِنْد أَحْمَد مِنْ حَدِيث مُعَاوِيَة: "أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْأُغْلُوطَات" قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: هِيَ شِدَاد الْمَسَائِل. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ أَيْضًا "إِنَّ اللَّه إِذَا أَرَادَ أَنْ يَحْرِم عَبْده بَرَكَة الْعِلْم أَلْقَى عَلَى لِسَانه الْمَغَالِيط، فَلَقَدْ رَأَيْتهمْ أَقَلّ النَّاس عِلْمًا". اهــ .
والله تعالى أعلم.