الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من النصيحة للمسلمين أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وهو من فروض الكفايات، ويكون على حسب الاستطاعة، فلا تكلف إلا ما تستطيعه, فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
قال شيخ الإسلام: وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يجب على كل أحد بعينه، بل هو على الكفاية، كما دل عليه القرآن، ولما كان الجهاد من تمام ذلك كان الجهاد أيضًا كذلك، فإذا لم يقم به من يقوم بواجبه أثم كل قادر بحسب قدرته؛ إذ هو واجب على كل إنسان بحسب قدرته. انتهى.
فإن استطعت إصلاح الخطأ وإنكار المنكر، ولم يوجد من يقوم به في ذاك المكان أو الموقع, أو غلب على ظنك أنه لا يوجد من يقوم به, فإنه يجب عليك حينئذ الرد على أخطائهم - إن كانت فيها مخالفات شرعية -.
وهل يكون ذلك في كل مرة؟ فالجواب: أن ذلك يكون على قدر الاستطاعة والقدرة، مراعيًا في أمرك ونهيك العلم والرفق والحلم, قال شيخ الإسلام: وفي الجملة فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، فإذا غلب على ظنه أن غيره لا يقوم به تعين عليه, ووجب عليه ما يقدر عليه من ذلك؛ فإن تركه كان عاصيًا لله ولرسوله، وقد يكون فاسقًا, وقد يكون كافرًا, وينبغي لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أن يكون فقيهًا قبل الأمر، رفيقًا عند الأمر؛ ليسلك أقرب الطرق في تحصيله، حليمًا بعد الأمر؛ لأن الغالب أن لا بد أن يصيبه أذى, كما قال تعالى: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}. انتهى.
وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضوابط يمكنك مراجعتها في الفتوى رقم: 9358، والفتوى رقم: 127056, والفتوى رقم: 36372، والفتوى رقم: 124424.
والله أعلم.