الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز خطبة المرأة الرشيدة إلى نفسها, كما نص على ذلك الفقهاء، قال العمراني في البيان: يجوز أن تخطب المرأة إلى نفسها, وإن كان لها أولياء. انتهى.
ويدل لذلك حديث أم سلمة قالت: لما مات أبو سلمة أرسل إليّ النبي صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة - رضي الله تعالى عنه - يخطبني له... الحديث.
وهذا, وإن كان جائزًا كما ذكرنا, غير أن الأولى والأحوط للدين ألا تخطب المرأة إلا من وليها سدًّا لباب الفتن, وخشية التعرض للريب, وخاصة في هذا الزمان، وقد أخبرت عائشة - رضي الله عنها - أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء: فنكاح مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ، يَخْطُبُ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوْ ابْنَتَهُ فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا... رواه البخاري. فدل هذا على أن الأصل أن تخطب المرأة من وليها.
ومن ثم فالذي ننصحك به أن تبحث عن ولي تلك الفتاة فتخطبها منه، فإن أبيت إلا خطبتها على نفسها فالأولى أن توسط في ذلك امرأة من محارمك، وإن كلمتها فبقدر الحاجة دون تعد لما أذن فيه الشرع, فإن كلام الأجنبية لا يجوز, إلا إذا أمنت الفتنة, ولم يكن منها خضوع بالقول, وكان بقدر الحاجة, مع مراعاة الانضباط بالضوابط الشرعية من عدم الخلوة, وعدم إطلاق البصر, ونحو ذلك.
كما نحذرك من خطورة إطلاق البصر في الشوارع والأسواق, فإن الله تعالى يقول: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}، والنظر إلى من يراد خطبتها جائز بضوابط وانظر الفتوى رقم: 5814.
والله أعلم.