الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت كتب السيرة النبوية أخبار إرسال رسول الله صلى الله عليه وسلم السرايا لهدم الأصنام وكسر الوثان، ومن ذلك: هَدْمَ الْعُزّى لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ، هَدَمَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ثُمّ هَدْمَ سُوَاعَ، هَدَمَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَكَانَ فِي رَمَضَانَ، ثُمّ هَدْمَ مَنَاةَ، هَدَمَهَا سَعْدُ بْنُ زَيْدٍ الْأَشْهَلِيّ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ، ثُمّ هَدْمُ ذِي الْكَفّيْنِ صَنَم عَمْرِو بْنِ حُمَمَةَ الدّوْسِيّ سَنَةَ تِسْعٍ.
ولم يذكر أحدٌ من رواة السيرة النبوية ما افتراه صاحبك الملحِد من أنه صلى الله عليه وسلم قد أمر أحدًا من أصحابه بهدم المعابد التي يعبد فيها غير الله تعالى على سَدَنَتِها ـ الذين يقومون بخدمتها ـ مع أنهم كانوا حريصين على ذكر أدق التفاصيل المتعلقة بالأحداث، لما تتضمنه من تشريع.
ومما يؤيد كذب صاحبك أن أعداء الإسلام من المستشرقين وأذنابهم من الزنادقة قد نَخَلوا كتب التاريخ ولم يتركوا مدخلاً يدخلون به على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ركبوه حقدًا وحسدًا، وشبهاتهم معروفة ومحصورة، وقد انبرى لتصحيح أفهامهم وتوضيح المشكلات لهم ثلةٌ من العلماء الكبار كالعلامة أحمد شاكر والعلامة عبد الرحمن المعلِّمي وغيرهما، ولم يكن مما أثاره أولئك تلك الفرية، هذه واحدة!
والثانية: لو ثبت افتراضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بقتل أحد من الناس شر قِتلة، ولو بإلقائه من شاهق أو بهدم السقف عليه لما ترددنا في كون فِعله حقا وصدقا، وأنه عين الحكمة والصواب، كيف لا وهو المبلغ للوحي عن رب العالمين: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى {سورة النجم:3-4].
فقد آمنا به واتبعناه لا على أنه ملك أو رئيس، وإنما على أنه نبي معصوم، وأن ما أقرَّه الله تعالى عليه من الأقوال والأفعال هو عين الحكمة!
وننبه إلى أن من لم ترسخ قدمه في العلم ويأنس من نفسه حصانة في الدين فعليه أن يترك الاستماع إلى كلام الملحدين ومحاجتهم، فربما تسرب إلى قلبه شيء من شبهاتهم، وأقل شيء اعتياد أذنيه الاستماع إلى من يستخف بالدين وبالرسول صلى الله عليه وسلم، ولمزيد فائدة انظر الفتوى رقم: 67444.
والله أعلم.