الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أهم ما ينبغي أن تقوم عليه الحياة الزوجية هو التعاون والتفاهم والعمل على ما تكون به الحياة الزوجية مستقرة، فيؤدي كل من الزوجين ما عليه من حقوق للآخر، وعلى الزوجين اعتماد مبدأ الحوار واحترام كل منهما لرأي الآخر بعيدا عن التعنت والعصبية، فبمثل هذا تسعد الأسرة، وراجعي الفتوى رقم: 27662.
ولا شك في أنه ينبغي للزوج أن يكون عونا لزوجته في صلة أهلها وتمكينها من زيارتهم كلما أمكنه ذلك، فبهذا تحسن عشرتها معه ويكسب مودتها، ولعل الله تعالى يفتح له بسبب ذلك من أسباب رزقه ما لا يخطر له على بال، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق 3:2}.
وغيابك عن أهلك هذه المدة لا يلحقك منه إثم، والصلة يمكن أن تتحقق الآن بكثير من الوسائل، خاصة مع تقدم وسائل الاتصال في هذا العصر وإمكانية رؤيتك لأهلك ورؤيتك لهم، فلا يلزم لحصول الصلة السفر للأهل وزيارتهم، ولكن تجب الصلة وتحرم القطيعة، وهي تتحقق بما جرى العرف بكونه صلة، ومنه الاتصال الذي أشرنا إليه، وراجعي الفتوى رقم: 7683.
وقولك: هل هذه الأشياء تقدم على رؤية الأهل والسفر إليهم؟ جوابه أن زيارة الأهل والسفر إليهم لا يلزم كما أسلفنا وخاصة في حق الزوجة التي تعيش مع زوجها بعيدا عن وطنها، وقد يكون في بلد المهجر من العوامل ما يمنع الزوج من تحقيق ما تصبو إليه زوجته فلتتفهم الزوجة ذلك، ومع هذا فكما ذكرنا أولا مهما أمكنه تمكينها من زيارة أهلها فليفعل، ونصيحتنا لك أن تهوني الأمر على نفسك وأن تتفاهمي فيه بالحكمة مع زوجك، وقد ذكرت عنه حبه لك ولأولادك ومحبته لأهلك واحترامه لهم، وهذا أمر طيب، وذكرت ما يغضبه ويثير عصبيته، فاجتنبي ذلك كله وبالصبر تتحقق العواقب الحميدة، وراجعي في فضل الصبر الفتوى رقم: 18103.
والله أعلم.