الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا في الفتوى رقم: 123940 بيان ضعف هذه الأحاديث. ونقلنا فيها عن البيهقي في (شعب الإيمان) قوله: هذا إن صح: في الفاسق المعلن بفسقه. اهـ.
وقال البيهقي عن حديث: أترعون عن ذكر الفاجر، اذكروه بما فيه؛ كي يعرفه الناس، ويحذره الناس.
قال: فهذا حديث يعد في أفراد الجارود بن يزيد عن بهز، وقد روي عن غيره، وليس بشيء. وهو إن صح فإنما أراد به فاجرا معلنا بفجوره، أو فاجرا يأتي بشهادة، أو يعتمد عليه في أمانة فيحتاج إلى بيان حاله لئلا يقع الاعتماد عليه. اهـ.
وهو كذلك. فإن الأصل فيمن اطلع على منكر أن يقوم بالإنكار على فاعله، مع الستر عليه وعدم التشهير به، إلا إن كان العاصي من المجاهرين، فيجوز عندئذ التشهير به وفضح أمره، بشرط أن يكون لذلك مقصد صحيح، كزجره أو التحذير منه.
وراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 21816، 123513، 6082.
وقال الصنعاني في (سبل السلام): الأكثر يقولون بأنه يجوز أن يقال للفاسق: يا فاسق، ويا مفسد. وكذا في غيبته، بشرط قصد النصيحة له أو لغيره لبيان حاله، أو للزجر عن صنيعه، لا لقصد الوقيعة فيه، فلا بد من قصد صحيح. اهـ.
وذكر النووي في (الأذكار) ستة أحوال لجواز الغيبة، منها: أن يكون مجاهرا بفسقه أو بدعته، كالمجاهر بشرب الخمر، أو مصادرة الناس وأخذ المكس وجباية الأموال ظلما، وتولي الأمور الباطلة، فيجوز ذكره بما يجاهر به، ويحرم ذكره بغيره من العيوب، إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرناه. اهـ.
والله أعلم.