الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد شككت في عدد أشواط الطواف والسعي بعد الفراغ منهما: فحجك صحيح تام, ولا شيء عليك, وإن كان الشك في عدد أشواط الطواف أثناء الطواف, وكان الشك في عدد أشواط السعي أثناء السعي, فكان عليك أن تبني على الأقل: لأنه المتيقن, فتعمل على أنك لم تأت إلا بستة أشواط فقط, وتأتى بشوط سابع, جاء في المغنى لابن قدامة: وإن شك في عدد الطواف, بنى على اليقين, قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك. ولأنها عبادة فمتى شك فيها وهو فيها, بنى على اليقين كالصلاة, وإن شك في ذلك بعد فراغه من الطواف, لم يلتفت إليه, كما لو شك في عدد الركعات بعد فراغ الصلاة. انتهى
وفي المجموع للنووي: ولو شك في عدد الطواف أو السعي لزمه الأخذ بالأقل, هذا كله إذا كان الشك وهو في الطواف, أما إذا شك بعد فراغه فلا شيء عليه. انتهى
وفى حال ما إذا كان الشك أثناء الطواف والسعي ثم لم تبن على الأقل- كما ذكرنا - فحجك ناقص, ومن ثَمَّ فأنت باق على إحرامك, فإن كنت رميت وحلقت أو قصرت فقد حصل التحلل الأصغر, وحلت لك جميع محظورات الإحرام باستثناء الجماع, وكذا مقدماته, كما سبق في الفتوى رقم :70646, والفتوى رقم :14363.
وعلى هذا: فيجب عليك الكف عن الجماع ومقدماته حتى ترجع لمكة, وتكمل طوافك, ثم تسعى بعده سعيًا كاملًا؛ لأن السعي لا بدَّ أن يسبقه طواف واجب.
وإن كنت لم تتحلل التحلل الأصغر, فعليك الكف عن جميع محظورات الإحرام؛ حتى تكمل طوافك وتسعى من جديد, وما حصل من محظورات الإحرام قبل التحلل، فما كان منه من قبيل الترفه: كلبس المخيط, واستعمال الطيب, فلا شيء فيه، وما كان من قبيل الإتلاف: كحلق الشعر, وقص الأظافر, ففي كل جنس منه فدية واحدة - ولو تكرر كثيرًا - كما أن الجماع نسيانًا أو جهلًا لا يبطل الحج، ولا يترتب عليه شيء عند بعض أهل العلم, وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية, كما تقدم في الفتوى رقم: 14023.
وإن عجزت عن الرجوع إلى مكة لمرض أو قلة نفقة أو غير ذلك من الموانع الشرعية فتتحلل تحلل المحصر, وذلك بذبح هدي عنك بنية التحلل مع قص شيء من الشعر، وهذا الهدي أقله شاة, قال في نهاية الزين من كتب الشافعية: يمْتَنع أَن تَطوف الْحَائِض حَتَّى تطهر, فَإِن رحلت الْقَافِلَة قبل أَن تَطوف طواف الرُّكْن, وخافت من التَّخَلُّف فلهَا الرحيل مَعَهم بِلَا طواف, فَإِذا وصلت إِلَى مَحل يتَعَذَّر عَلَيْهَا الرُّجُوع مِنْهُ إِلَى مَكَّة جَازَ لَهَا أَن تتحلل بِذبح, فحلق أَو تَقْصِير, مَعَ نِيَّة التَّحَلُّل, كالمحصر, وَتحل حِينَئِذٍ من إحرامها, وَيبقى الطّواف فِي ذمَّتهَا إِلَى أَن تعود. انتهى. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 186747.
والله أعلم.