الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن احتاج إلى السفر لنحو معاش جاز له السفر دون إذن والديه، قال القرافي المالكي: قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: إنْ أَرَادَ سَفَرًا لِلتِّجَارَةِ يَرْجُو بِهِ مَا يَحْصُلُ لَهُ فِي الْإِقَامَةِ فَلَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا، وَإِنْ رَجَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ فِي كَفَافٍ وَإِنَّمَا يَطْلُبُ ذَلِكَ تَكَاثُرًا فَهَذَا لَوْ أَذِنَا لَهُ لَنَهَيْنَاهُ، لِأَنَّهُ غَرَضٌ فَاسِدٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ دَفْعَ حَاجَاتِ نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ بِحَيْثُ لَوْ تَرَكَهُ تَأَذَّى بِتَرْكِهِ كَانَ لَهُ مُخَالَفَتُهُمَا؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ.
وقال الأنصاري الشافعي: أَمَّا السَّفَرُ الَّذِي يَغْلِبُ فِيهِ الْأَمْنُ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَيْ لَا يَنْقَطِعَ مَعَاشُهُ وَيَضْطَرِبَ أَمْرُهُ.
وقال ابن نجيم الحنفي: وَأَمَّا سَفَرُ التِّجَارَةِ وَالْحَجِّ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِ وَالِدَيْهِ، لِأَنَّهُ ليس فيه خَوْفُ هَلَاكِهِ.
فإذا جاز مثل هذا السفر دون إذن الوالد الذي يعي الأمور ويدرك المقاصد فهو مع الوالد الذي لم يعد يميز بين المصالح والمفاسد أولى بالجواز.
وعليه؛ فما دمت بحاجة للسفر المذكور ولن تضيع أباك، بل ستتركه مع أخيك فلا حرج عليك في هذا السفر بغير إذن أبيك، ولا تكون عاقا بمخالفته في هذا الأمر.
والله أعلم.