الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان من الزرع لا يُجذ إلا مرة واحدة، كالحنطة وكالشعير فهو للبائع ولو كان حين البيع بذرا لم يخرج من الأرض بعد، والعلة في ذلك أن وجود هذا النوع من الزرع في الأرض كأنه على وجه الوديعة فأشبه المدفون من ركاز وغيره فلم يتناوله البيع، وللبائع الحق في إبقائه في الأرض إلى حين الحصاد، قال في الكافي: وإن باع الأرض وفيها زرع لا يحصد إلا مرة؛ كالحنطة والشعير والجزر والفجل لم يدخل في البيع، لأنه نماء ظاهر لفصله غاية فلم يدخل في بيع الأرض كالطلع المؤبر، وسواء كان نابتاً أو بذراً، لأن البذر مودع في الأرض فلم يدخل في بيعها، كالركاز، ويكون الزرع مبقى إلى حين الحصاد، كما أن الثمرة تبقى إلى حين الجذاذ.
وقال في البيان: وإن باع أرضًا وفيها زرعٌ ظاهرٌ.. نظرت: فإن كان يجز مرة بعد أخرى.. دخل الأصل في بيع الأرض، وما ظهر حال العقد.. فهو للبائع، وما يظهر بعد العقد.. فهو للمشتري، وكذلك الكراث إذا بيعت الأرض التي هو بها.. فإن أصل الكراث يدخل في البيع، وما كان ظاهرًا حال العقد لا يدخل في البيع إلا بالشرط، ويؤمر البائع بأخذه في الحال، لأن الزيادة بعد العقد تكون للمشتري، وإن كان الزرع يؤخذ مرة واحدة، كالحنطة والشعير.. فإنه لا يدخل في بيع الأرض من غير شرط، لأن هذا الزرع مودع في الأرض، فهو كالكنز والماس، لأنه نماءٌ ظاهرٌ لا يراد للبقاء، فلم يدخل في بيع الأرض من غير شرط كالطلع المؤبر.
والله أعلم.