الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أن البول لا يسيل إلا عند جلوسك وفي هذه الحال يخرج ولكن له أمد ينقطع به ولا يستمر خروجه غالب الوقت، فإذا كان هذا هو الواقع فإنك لا تعتبر صاحب سلس وحكمك حكم غير دائم الحدث فإذا توضأت ولم ينتقض وضوؤك بخروج البول أو غيره ودخل وقت الصلاة الأخرى لم يلزمك الوضوء، وأما إمامتك بوالدك: فإذا تقرر أنك لست من أصحاب السلس فإنه لا إشكال في إمامتك بوالدك أو غيره، وقولك: فإن قمت بوضع مناديل بعد قضاء الحاجة على أن أزيلها بعد الجلوس وتطهير قطرات البول التي لم تنجس ملابسي, فهل هذا كاف ـ فهذا كاف بلا شك ما دمت تتيقن أن البول لن يتجدد كما ذكرت، وأما ما ذكرته من تنظيف مجرى البول من المذي والمني فإنك لا تطالب شرعا بتنظيف المجرى وإنما تطالب بتطهير المخرج بعد انقطاع الخارج، وأما ما كان داخل المجرى فلست مطالبا شرعا بتنظيفه، ومن المعلوم أن المجرى لا يخلو غالبا من وجود شيء من البول ونحوه، فإذا تكلفت وأخرجته ربما رشح مكانه غيره وهكذا, وتظن عندها أنه يخرج تلقائيا والحقيقة أنك أنت الذي تخرجه بمحاولة تفتيش رأس الذكر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وَالْبَوْلُ يَخْرُجُ بِطَبْعِهِ، وَإِذَا فَرَغَ انْقَطَعَ بِطَبْعِهِ وَهُوَ كَمَا قِيلَ: كَالضَّرْعِ إنْ تَرَكْته قَرَّ وَإِنْ حَلَبْته دَرَّ، وَكُلَّمَا فَتَحَ الْإِنْسَانُ ذَكَرَهُ فَقَدْ يَخْرُجُ مِنْهُ وَلَوْ تَرَكَهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ، وَقَدْ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ، وَهُوَ وَسْوَاسٌ، وَقَدْ يُحِسُّ مَنْ يَجِدُهُ بَرْدًا لِمُلَاقَاةِ رَأْسِ الذَّكَرِ، فَيَظُنُّ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَمْ يَخْرُجْ، وَالْبَوْلُ يَكُونُ وَاقِفًا مَحْبُوسًا فِي رَأْسِ الْإِحْلِيلِ لَا يَقْطُرُ، فَإِذَا عَصَرَ الذَّكَرَ أَوْ الْفَرْجَ، أَوْ الثُّقْبَ بِحَجَرِ، أَوْ أُصْبُعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، خَرَجَتْ الرُّطُوبَةُ، فَهَذَا أَيْضًا بِدْعَةٌ، وَذَلِكَ الْبَوْلُ الْوَاقِفُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إخْرَاجٍ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ لَا بِحَجَرِ، وَلَا أُصْبُعٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ، بَلْ كُلَّمَا أَخْرَجَهُ جَاءَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يَرْشَحُ دَائِمًا . اهــ.
والله أعلم.