الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أهم المقاصد النبيلة للشرع الحكيم أن يكون المسلمون على أحسن حال من الألفة والمودة، ويتأكد مثل هذا في حق ذوي الرحم؛ لما بينهم من الرابطة القوية التي تقتضي التعاضد والتناصر، قال تعالى: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {الأنفال:75}، والخلاف شر، والصلح خير. ولذا حث الشارع عليه وبين فضله، بل وأباح الكذب من أجل تحقيقه. وانظر الفتويين: 21824 - 114750.
فما كان ينبغي أن يصل الخلاف بينك وبين خالك إلى هذه الدرجة. فأن يتم هذا الزواج أو لا يتم، فليس ذلك بالأمر الجلل، فالدنيا كلها زائلة. ولكن أن يترتب على ذلك شيء من القطيعة ونحو ذلك، فهذا هو الإشكال الحقيقي؛ لأنه خلل في الدين، وخلاف أمر رب العالمين. فننصح بالتروي والسعي في الإصلاح، واستحضار أنه قد يكون عدم تمام هذا الزواج هو الأفضل، فالله تعالى أعلم بعواقب الأمور وهو القائل: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
وما ذكرته لخالك من تطليقك ابنته مقابل حلفه يعتبر من قبيل الوعد، والوعد لا يلزم الوفاء به وإنما يستحب، هذا هو الراجح كما بيناه بالفتوى رقم: 17057. وعلى هذا فلا حرج عليك في أخذ عوض مقابل الطلاق ما داموا هم الذين يسعون إليه خلافا لرغبتك، وقد اختلف الفقهاء في حكم أخذ زيادة على المهر في عوض الخلع، والجمهور على جواز أخذ الزيادة كما بينا بالفتوى رقم: 73322.
ونوصي في الختام بالاجتهاد في نسيان ما مضى، وأن تفتح صفحة جديدة لحياة ملؤها المودة والتعاون والتراحم. ونوصيك بأن يكون التحمل من قبلك أكثر، فذلك أعظم لأجرك، إذ الطرف الآخر هو خالك، والخال والد.
والله أعلم.