الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسلم إذا ذكر الله تعالى خنس عنه قرينه الشيطاني وتأخر وابتعد؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة ذهب حتى يكون مكان الروحاء. رواه مسلم. وجاء في الحديث: وآمركم بذكر الله كثيرا، ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره، فأتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى. رواه الترمذي وغيره، وصححه الألباني.
و قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: الشيطان يلتقم قلب العبد، فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل قلبه عن ذكره وسوس، ويعلم هل ذكر الله أم غفل عن ذكره، ويعلم ما تهواه نفسه من شهوات الغي فيزينها له، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكر صفية ـ رضي الله عنها: أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ـ وقرب الملائكة والشيطان من قلب ابن آدم مما تواترت به الآثار سواء كان العبد مؤمنا، أو كافرا. اهـ.
وقال ابن القيم رحمه الله: فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة الواحدة لكان حقيقا بالعبد أن لا يفتر لسانه من ذكر الله تعالى، وأن لا يزال لهجا بذكره، فإنه لا يحرز نفسه من عدوه إلا بالذكر، ولا يدخل عليه العدو إلا من باب الغفلة، فهو يرصده، فإذا غفل وثب عليه وافترسه، وإذا ذكر الله تعالى انخنس عدو الله تعالى وتصاغر، وانقمع حتى يكون كالوصع وكالذباب، ولهذا سمي الوسواس الخناس أي يوسوس في الصدور، فإذا ذكر الله تعالى خنس أي كف وانقبض. قال ابن عباس : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا سها وغفل وسوس، فإذا ذكر الله تعالى خنس. انتهى.
وقد بينا مزيدا من التفصيل في سبل النجاة من كيد الشيطان في الفتاوى التالية أرقامها: 33860، 58076، 4403 فراجعها .
وعليه، فلا وجه لهذا الخوف وقد جعل الله تعالى لك سلاحا ماضيا تدرأ به في نحر عدوك. ومع ذلك إن حصل خوف فلا يعد شركا، ولكن من وصل حاله إلى هذه الدرجة من الخوف فقد بلغ مبلغا عظيما من الهلع والجبن .
والله أعلم.