الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فجوابنا على سؤالك يتلخص فيما يلي:
أولا: لا تثبت وصية عمتك لك بما ذكرت بمجرد دعواك أنها أوصت لك، وإنما تثبت ببينة أو بإقرار الورثة أنها أوصت لك والبينة هنا يقبل فيها شهادة رجل وامرأتين, أو بشاهد واحد مع يمين المدعي وهو أنت في قول جمهور أهل العلم، جاء في الموسوعة الفقهية: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَذَهَبَ الأَْئِمَّةُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ الْمَدَنِيُّونَ إِلَى أَنَّهُ يُقْضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي الأَْمْوَال وَمَا يَئُول إِلَيْهَا دُونَ غَيْرِهَا, وَذَهَبَ الإِْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَجُمْهُورُ أَهْل الْعِرَاقِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُقْضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي شَيْءٍ. اهــ.
فإذا لم يُقر الورثة بالوصية ولم تثبت الوصية بواحد مما ذكرنا فإنه لا حق لك فيما ادعيت أن عمتك أوصت به.
ثانيا: إذا ثبتت الوصية شرعا فإنه لا حق لك فيما أوصت به عمتك إلا في حدود ثلث تركتها، لأن الوصية لغير الوارث صحيحة في حدود الثلث، وما زاد عن الثلث لا يمضي إلا إذا رضي الورثة بإمضائها، فتأخذين من الذهب والمجوهرات التي أوصت بها لك ما يساوي ثلث تركة عمتك فقط وما زاد فهو من حق الورثة إلا من رضي منهم أن يتنازل لك عن نصيبه فذلك شأنه بشرط أن يكون بالغا رشيدا.
ثالثا: وصيتها لك وصية صحيحة جائزة كما ذكرنا في حدود الثلث ولا يضرها كونها لم توص لبقية بنات إخوتها، لأنها ليست مطالبة شرعا بالعدل بينهن.
رابعا: ما أوصت به لك يصير ملكا لك بمجرد قبولك للوصية وليس بمجرد موت عمتك، وهذا مذهب الحنابلة والمالكية في قول، والشافعية في قول، وعلى هذا القول تجب عليك زكاة الذهب إذا كان بالغا النصاب عن كل سنة حال عليه الحول بعد قبولك وليس بعد موت عمتك، وذهب الحنفية والمالكية في الراجح وهو المذهب عند الشافعية ووجه عند الحنابلة إلى أن الموصى له إذا قبل الوصية يملك الموصى به من وقت موت الموصي, وعلى هذا القول تزكين الذهب عن كل سنة منذ وفاة عمتك إذا كان بالغا النصاب، والعمل بهذا القول هو الأحوط والأبرأ للذمة.
خامسا: إذا لم تترك عمتك من الورثة إلا من ذكر، فإن لزوجها النصف ـ فرضا ـ لقول الله تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ {النساء: 12}.
والباقي تعصيبا لأبناء أخيها الشقيق الخمسة ـ بينهم بالسوية ـ لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ. متفق عليه.
ولا شيء لابن العم الشقيق، لأنه محجوب حجب حرمان بابن الأخ الشقيق, فتقسم التركة على عشرة أسهم, للزوج نصفها ـ خمسة أسهم ـ ولكل ابن أخ شقيق سهم واحد.
وأخيرا ننبه السائلة الكريمة إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، أو مشافهة أهل العلم بها إذا لم توجد محكمة شرعية‘ فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.