الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المسلم إذا رأى البحر في أن يقول الدعاء المذكور، ولا يخفى أنه مستنبط من القرآن الكريم، فقد قال الله سبحانه: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {آل عمران:191ـ190 }.
فوصف الله أولي الأباب بأنهم يتفكرون في خلق الله، ويدعون بهذا الدعاء، قال ابن جرير: يعني بذلك تعالى ذكره: ويتفكرون في خلق السموات والأرض قائلين: ربنا ما خلقت هذا باطلا. اهـ.
وقال ابن سعدي: وصف أولي الألباب بأنهم يذكرون الله في جميع أحوالهم: قياما وقعودا وعلى جنوبهم ـ وهذا يشمل جميع أنواع الذكر بالقول والقلب، ويدخل في ذلك الصلاة قائما، فإن لم يستطع فقاعدا، فإن لم يستطع فعلى جنب، وأنهم: يتفكرون في خلق السماوات والأرض ـ أي: ليستدلوا بها على المقصود منها، ودل هذا على أن التفكر عبادة من صفات أولياء الله العارفين، فإذا تفكروا بها، عرفوا أن الله لم يخلقها عبثا، فيقولون: ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك ـ عن كل ما لا يليق بجلالك بل خلقتها بالحق وللحق، مشتملة على الحق: فقنا عذاب النار ـ بأن تعصمنا من السيئات، وتوفقنا للأعمال الصالحات، لننال بذلك النجاة من النار. اهـ.
فالحاصل أن المسلم إذا تفكر في خلق الله للبحر وغيره من المخلوقات فله أن يدعو ربه ويقول: ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار.
والله أعلم.