الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي منَّ عليك بالتوبة, وهداك لها, واعلم أن ذلك مفتاح كل خير، وأن كل عقبة بعد التوبة ذلول، ثم نخلص إلى القول فيما سألت عنه:
أما عن هذا المال الذي سرقت من أبيك: فهو دين في ذمتك يجب عليك قضاؤه متى استطعت إلى ذلك سبيلًا، وكون والدك هو من وهبك أغراضك لا يمنع من بيعها في قضاء دينه؛ لأن هذه الأغراض بعد الهبة صارت ملكًا لك، تتصرف فيها بما شئت من وجه, وتصرفك فيها ماض لا يعتريه النقض، فبِعْ منها ما فضل عن نفقتك وحاجتك, واقض به دينك, وما بقي من الدين بعد ذلك فهو في ذمتك حتى توسر به، وراجع في كيفية الرد الفتوى رقم: 198929.
وأما ما سالت عنه مما نزل بك من مصائب وفتن: فلا نقطع في سببه بشيء معين خلا أن تعجيل العقوبة في الدنيا واقع ومتوقع, وأن للذنب شؤمًا ونكدًا يلحق العبد في كل شيء في نفسه وأهله وماله, وفي شأنه كله, جاء في إحياء علوم الدين: قال الفضيل: ما أنكرت من تغير الزمان وجفاء الإخوان فذنوبك ورثتك ذلك, وقال بعضهم: إني لأعرف عقوبة ذنبي في سوء خلق حماري, وقال آخر: أعرف العقوبة حتى في فأر بيتي, وقال بعض صوفية الشام: نظرت إلى غلام نصراني حسن الوجه فوقفت أنظر إليه فمر بي ابن الجلاء الدمشقي فأخذ بيدي, فاستحييت منه, فقلت: يا أبا عبد الله؛ سبحان الله تعجبت من هذه الصورة الحسنة, وهذه الصنعة المحكمة, كيف خلقت للنار؟ فغمز يدي, وقال: لتجدن عقوبتها بعد حين, قال: فعوقبت بها بعد ثلاثين سنة.
والله أعلم.