الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحبك الله الذي أحببتنا فيه، ونسأله سبحانه وتعالى أن يتوب علينا وعليكم وأن يرزقنا وإياكم الاستقامة، وبخصوص سؤالك فالمفتى به عندنا ـ وهو مذهب الجمهور ـ أن عقد الزواج الذي تولاه أخو المرأة مع وجود والدها لا يصح ابتداء، لكن لو أجازه الأب فيما بعد فهل يصح أم لا؟ في ذلك خلاف، وقد روي عن الإمام أحمد أنه يصح، قال المرداوي في الإنصاف: وإذا زوج الأبعد من غير عذر للأقرب، أو زوج أجنبي: لم يصح، هذا المذهب بلا ريب، وجزم به في الوجيز وغيره، وصححه في النظم، وغيره، وقدمه في المغني، والشرح، وغيرهما، وعنه ـ أي الإمام أحمد ـ يصح ويقف على إجازة الولي.
ولا يشترط أن تكون هذه الإجازة قبل الدخول، قال ابن قدامة في المغني: ومتى حصلت الإصابة قبل الإجازة ثم أجيز فالمهر واحد إما المسمى وإما مهر المثل إن لم يكن مسمى، لأن الإجازة مستندة إلى حالة العقد فيثبت الحل والملك من حين العقد كما ذكرنا في البيع ولذلك لم يجب الحد.
وإذا كان الأمر كذلك فالذي نرى هو أنه عليك أن تسعى لتجديد العقد ـ إن أمكن ذلك ـ سواء كان ذلك بمباشرة الأب للعقد أو بتوكيله من يشاء، وحاول إقناعهم بذلك وبين لهم أنه إجراء ضروري لرفع الشك والبعد عما فيه شبهة، ولا يلزم أن يكون في مكان علني ولا في ملإ من الناس، وإنما يكفي أن يحضره الأب أو من يوكله واحد عدل فقط.
فإن لم يمكن ذلك فلا مانع ـ في هذه الحالة ـ أن يعتبر قول من يصحح العقد الذي تولاه الولي الأبعد ـ أخو المرأة ـ إذا أجازه الولي الأقرب ـ الأب ـ لا سيما وأنه تبين أن امتناع الأب من التزويج ابتداء لم يكن مبررا شرعا.
وأما صحة ولاية الأخ التارك للصلاة فالقول فيها ينبني على خلاف في مسألتين هما: هل التارك للصلاة كسلا وتهاونا مع إقراره بوجوبها يعتبر كافرا أم فاسقا؟ وعلى القول بفسقه فقط فهل تصح ولاية الفاسق في النكاح أم لا؟ وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 49748.
وإنما قلنا ما قلناه هنا في هذه المسألة برمتها لما ندرك من تعقيد الوضع في تلك البلاد وعدم التمكن من اللجوء إلى المحاكم الشرعية التي تتولى النظر في مثل هذه الأمور وتلزم الجميع بأحكام الشرع فيها، وقد ذكرت توبتكما مما استدرجكما الشيطان إليه من المعاصي فاحمدا الله تعالى على ما من به عليكما من التوبة، واستقيما على الإنابة والالتزام بالعمل الصالح الذي يقربكما إليه.
والله أعلم.