الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت عن زوجتك كثيرا من الصفات الحسنة التي قلما تجتمع في امرأة في هذا الزمان، نسأل الله أن يزيدها هدى وتقى وصلاحا وأن يقر بها عينك إنه جواد كريم، ولم تبين لنا حقيقة هذا الخمار الذي تمتنع زوجتك عن لبسه، وهو يحتمل أن يكون غطاء الوجه أي النقاب، ويحتمل أن يكون غطاء الرأس، فإن كان الأول ـ ويبدو أنه المقصود ـ فلا يخفى عليك أن العلماء قد اختلفوا في حكمه، وسبق لنا ذكر أقوالهم في ذلك وأدلتهم والراجح منها عندنا وهو الوجوب، فانظر الفتوى رقم: 4470.
ولكن قد تكون زوجتك مترجحا عندها القول بعدم الوجوب، أو استفتت من تثق به وعملت بمقتضى ذلك، فإذا كان الأمر كذلك فقد بينا في فتوى سابقة الحكم فيما إذا رأت الزوجة مشروعية أمر ما ورأى الزوج خلافه، فراجع الفتوى رقم: 7897، وأوضحنا فيها أنها لا يجب عليها طاعته فيه، ولو أنها فعلت لكان أفضل، لأن هذا أحوط وأبعد عن الفتن وأسبابها وأدعى لأن تكسب ود زوجها.
وإن كان المقصود غطاء الرأس وما يتبعه كجيب الصدر: فهذا لا خلاف في وجوبه، فيجب على المرأة الالتزام بهذا الحجاب ولو لم يأمرها زوجها، فإذا أمرها تأكد في حقها الوجوب، وعظم عليها الإثم بالمخالفة، وراجع الفتوى رقم: 63625، ففيها بيان فرضية الحجاب وكيفية إقناع المرأة به.
والعباءة المذكورة إن كانت لا تزال ضيقة بعد توسيعها لها فلا يجوز لها لبسها، وأما إن أصبحت واسعة وخرجت عن حد المخالفة الشرعية، وترغب أنت في أن تكون فضفاضة أكثر فلا بأس بأن تطلب منها ذلك، ولكن لا تجعله مثارا للخلاف بينكما.
وعلى كل حال، فإننا نوصيك بالتلطف بها، فالرفق هو الأصل في الدعوة، وهو الأرجى لأن يثمر خيرا، روى مسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه.
واعمل على تزكية نفسها وزيادة إيمانها بعقد حلقة ذكر وعلم في البيت، فزيادة الإيمان تثمر الاستجابة والنشاط في الطاعة، روى البخاري عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:.. إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل لا تزنوا لقالوا: لا ندع الزنا أبدا.. الحديث.
وضعف الإيمان هو الذي يؤدي غالبا إلى التفريط فتنبه لهذا.
والله أعلم.